ليست الجاهليّة مرحلةً تاريخيّةً قد انتهى أوانها، بل هي حالة اجتماعيّة يمكن أن تتجدّد كلّما توفّرت ظروفها؛ لأنّ حقيقة الجاهليّة [هي] الانحراف عن شريعة الله وهدى الأنبياء، والحكم وفق الهوى، كما جاء في القرآن: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[1].
إذاً: عودة الجاهليّة إلى مسرح الحياة معناها في المقابل إبعادُ حكم الله عن ذلك المسرح، ومحاربة النظام الإسلامي، وجرّ الامّة من نور الحقّ والعدل إلى ظلمات الباطل والظلم.
إنّ الانحراف الامويَّ عن جادّة الصواب والابتعادَ عن الصراط الحقّ جاهليّةٌ جديدة، وإن تغيّرت الاطر وتبدّلت الأثواب. إنّه حكمٌ جاهليٌّ حاربه الإسلام واستشهد في مكافحته الأخيار.
صحيحٌ أنّ الحاكم الامويَّ يزيد (لعنه الله) وأسلافَه وأخلافَه يشهدون أنْ لا إله إلّا الله، وأنّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله) رسول الله، لكنّ ذلك لا يغيّر الحقيقة المرّة، حقيقةَ الجاهليّة الامويّة.
الموقف من أنظمة الحكم المختلفة:
ووقفة قصيرة على نظريّة الحكم في الإسلام تكفي في إعطاء صورة
[1] المائدة: 50.