هؤلاء كانوا يبكون ويقتلون الإمام الحسين لأنّهم يشعرون بأنّهم بقتلهم للإمام الحسين يقتلون مجدهم، يقتلون آخر آمالهم، يقتلون البقيّة الباقية من تراث الإمام علي .. هذه البقيّة التي كان يعقد عليها كلّ الواعين من المسلمين الأملَ في إعادة حياة الإسلام، في إعادة الحياة إلى الإسلام، كانوا يشعرون بأنّهم يقتلون بهذا الأملَ الوحيدَ الباقي للتخلّص من الظلم القائم، ولكنّهم مع هذا الشعور لم يكونوا يستطيعون إلّا أن يقفوا هذا الموقف ويقتلوا الإمام الحسين، قتلوا الإمام الحسين وهم يبكون.
قاتلُ الحسين (عليه السلام) هو قاتل أهدافه، والبكاء عليه غير كافٍ:
وأسأل الله أن لا يجعلنا نقتل الإمام الحسين ونحن نبكي، أن لا يجعلنا نقتل أهداف الحسين ونحن نبكي.
الإمام الحسين ليس إنساناً محدوداً عاش من سنة كذا ومات في سنة كذا .. الإمام الحسين هو الإسلام ككلّ، الإمام الحسين هو كلُّ هذه الأهداف التي ضحّى من أجلها هذا الإمام العظيم، هذه الأهداف هي الإمام الحسين؛ لأنّها هي روحه، وهي فكره، وهي قلبه، وهي عواطفه، كلّ مضمون الإمام الحسين [هو] هذه الأهداف، [هو] هذه القيم المتمثّلة في الإسلام.
فكما أنّ أهل الكوفة كانوا يقتلون الحسين وهم يبكون، فهناك خطرٌ كبيرٌ في أن نُمنى نحن بنفس المحنة، أن نقتل الحسين ونحن نبكي، يجب أن نشعر بأنّنا يجب أن لا نكون على الأقلّ قتلةً للحسين ونحن باكون.
البكاء لا يعني أنّنا غير قاتلين للحسين؛ لأنّ البكاء لو كان وحده يعني أنّ الإنسان غير قاتل للحسين إذاً لما كان عمر بن سعد قاتلًا للحسين؛ لأنّ عمر بن سعد بنفسه بكى.
حينما جاءت زينب (عليها الصلاة والسلام) [و] مرّت في موكب السبايا،