المنكر، والحكم بجواز دفع الظلم عن الإنسان.
ب- أمّا إذا افترضنا أنّ هذا الانحراف كان يشكّل خطراً على القاعدة ذاتها، على المعالم الرئيسيّة للشخصيّة الإسلاميّة للمجتمع، ففي مثل ذلك يصبح الحكم حكماً جهاديّاً؛ لأنّ الرسالة في ظلّ انحرافٍ من هذا القبيل افترضنا أنّها في خطر، وكونها في خطر يعني لزوم الحفاظ عليها مهما كلّف الأمر.
فلا بدّ في مثل هذه الحالة من مقاومة انحراف هذا الحاكم في الحدود التي لا بدّ [منها][1] لإيقافه، ولتخليص القاعدة الإسلاميّة من خطر هذا الانحراف.
هذه هي أحكام الحالات الثلاث التي صنّفنا إليها القسم الأوّل.
أقسام الحاكم في حال تبنّي الكفر قاعدةً للحكم:
وأمّا القسم الثاني، وهو ما إذا كان الحكم قائماً على أساس قاعدة كافرة منذ البدء، لم يكن الحاكم يمارس حكمه على أساس الإسلام، سواءٌ كان محقّاً أو مبطلًا، بل كان يمارس الحكم على أساس نظريّة من نظريّات الجاهليّة البشريّة التي وضعها إنسان الأرض .. في مثل ذلك يصبح الحكم كافراً، ويصبح الخطر على الإسلام مخيفاً حتماً.
ولا يمكن في مثل هذه الحالة أن نفترض ظرفين: أن نفترض ظرفاً يكون الانحراف مهدّداً للإسلام، وظرفاً آخر يكون الإسلام في منجىً من الانحراف .. هذا غير ممكنٍ هنا؛ لأنّ معنى أنّ الحكم يقوم على أساس قاعدةٍ من قواعد الجاهليّة البشريّة: أنّه يتبنّى هذه القاعدة، ويدافع عن مفاهيمها وأفكارها، ويبشّر باطروحتها وصيغتها في الحياة، وهذا تعبير آخر عن أنّ هذا الحكم يجنّد كلّ طاقاته وإمكاناته كحكمٍ لإبعاد الامّة عن رسالتها الحقيقيّة، والفصل بينها وبين مفاهيم دينها، وهذا هو الخطر الماحق الذي يهدّد الإسلام.
[1] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.