الامّة الإسلاميّة التي كانت تشكّ- أو التي بدأت تشكّ- في واقع المعركة القائمة داخل الإطار الإسلامي بين الجناحين المتصارعين، اتّضح لها بَعْدَ هذا الطريقُ. لكنّ هذا الطريق اتّضحت لها معالمه بعد أن فقدت إرادتها، بعد أن نامت، واستطاع الذين اغتصبوها وسرقوا شخصيّتها وزوّروا إرادتها وأباحوا كرامتها، استطاعوا أن يخدّروها، وأن يجعلوها غير قادرة على مجابهة موقف من هذا القبيل.
هذه الحالة المَرَضِيّة الثانية عالجها الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) بالموقف الذي شرحناه[1]، وشرحنا أنّه كان بالإمكان عدّة بدائل للموقف الذي اتّخذه الإمام الحسين، إلّا أنّ كلّ البدائل الممكنة والمتصوّرة لم تكن تحقّق الهدف في علاج هذه الحالة المَرَضيّة، وكان الطريق الوحيد لعلاج هذه الحالة المَرَضيّة هو الخطّ الذي سار عليه سيّد الشهداء (عليه أفضل الصلاة والسلام).
مشاهد موت الإرادة في المجتمع الحسيني:
تبيّنّا في ما سبق[2] بعض مشاهد موت إرادة هذه الامّة، يعني: كنّا نحاول أن نستعرض- ونحاول الآن أيضاً أن نستعرض- عمق هذا المرض في جسم الامّة الإسلاميّة؛ حتّى نعرف أنّه بقدر عمق هذا المرض في جسم الامّة الإسلاميّة لا بدّ وأن يفكّر في العلاج أيضاً بتلك الدرجة من العمق.
وإذا كان من المقدّر- كما فهمنا في محاضرة سابقة[3]– أنّ العلاج الوحيد للحالة المرضيّة الثانية هذه [هو] التضحية، فبقدر ما يكون هذا المرض عميقاً في جسم الامّة يجب أن تكون التضحية أيضاً عميقةً مكافئةً لدرجة
[1] في المحاضرة السابعة عشرة، تحت عنوان: مبرّرات الإمام الحسين( عليه السلام) في اختيار الموقف الرابع.
[2] تقدّم منه( قدّس سرّه) حديثٌ حول هذه المشاهد في المحاضرة السادسة عشرة، تحت عنوان: مشاهد موت الضمير وفقدان الإرادة.
[3] في المحاضرة السابعة عشرة، تحت عنوان: مبرّرات الإمام الحسين( عليه السلام) في اختيار الموقف الرابع.