معاوية يقول: إنّ عليّاً قتل عثمان، وإن لم يكن قد قتل عثمان فمن الذي قتله؟ على كلّ حال، فإن كان عليٌّ قادراً على أن يقيم الحدّ على قاتل عثمان فليسلّم للناس القاتلَ حتّى نقتله، وإن لم يكن قادراً على ذلك فهو إذاً عاجز عن تطبيق الشرع، فليعتزل الخلافة، وليأتِ شخصٌ آخر قادرٌ على الخلافة.
هذا ما كان يدّعيه معاوية بن أبي سفيان[1].
***
مجموع هذه النقاط أوجد بالتدريج بذرة الشكّ في مجتمع الإمام عليّ (عليه السلام)، هذا الإمام الذي خاض المعركة على رأس هذا المجتمع لتصفية الانحراف من الداخل وتصفية الانحراف من الخارج، وكان يريد أن يُوعّي الجماهير ويفهمها بأنّ المعركة ليست معركة زعامة شخصين، وليست معركة وجوده الخاص، وليست معركة قبيلته أو عشيرته أو أمجاده، وإنّما هي معركة رسالة السماء، معركة الحفاظ على أمانة الله التي جاهد في سبيلها عشراتُ الآلاف من الأنبياء .. كان يريد أن يوعّي الجماهير على واقع هذه المعركة وطبيعة هذه المعركة، وأنّها معركة السماء لا معركة الأرض، وأنّها معركة الله لا معركة الهوى.
هذا الإمام العظيم بدأت الجماهير تشكّ فيه، وفي واقع المعركة، وفي طبيعة المعركة على أساس النقاط التي ذكرناها.
سريان الشكّ وتعمّقه في مجتمع الإمام عليّ (عليه السلام):
1- هذه الجماهير بعد أن تعبت، بعد أن أرهقها خطّ الجهاد، بعد أن قدّمت للإمام عليّ (عليه السلام) وللإسلام كثيراً من التضحيات التي قد لا يمكن أن
[1] تقدّم توثيقه في الموضع المشار إليه في الهامش السابق، فراجع: وقعة صفّين: 189؛ أنساب الأشراف 278: 2؛ الأخبار الطوال: 162؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 7: 5.