أن أعطى ولاية العهد لابنه الفاسق يزيد[1]، ننظر إلى معاوية بعد أن انتهى معاوية.
لكنّ اولئك المسلمين، الجماهير الكبيرة من اولئك المسلمين لم يكونوا ينظرون إلى معاوية بعد أن انتهى، ولم يكونوا ينظرون إلى معاوية من هذا المنظار؛ لأنّهم لم يعيشوا بعدُ هذه الأحداثَ. لا بدّ لنا أن نلاحظ معاوية بعد تكشّفه، وأن نلاحظه قبل تكشّفه.
انظروا أيّها الإخوة بمنظار تلك الجماهير غير الواعية، تلك الجماهير التي عاشت مع أبي بكر وعمر وفضّلتهما على عليٍّ (عليه السلام)، وتأمّلت في تفضيل عثمان على عليّ (عليه السلام). انظروا بمنظار هذه الجماهير غير الواعية، وتساءلوا عن معاوية، من هو معاوية؟!
معاوية شخصٌ كان من صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وكان معتمداً لأبي بكر وعمر، وكان من الواضح أنّ عمر كان يوليه درجةً كبيرةً من ثقته[2].
وعمر هو هذا الشخص الذي تقدّسه هذه الجماهير، ومعاوية- بحسب الظاهر- كان ملتزماً بالشكليّات التي هي مقياس الإسلام عند هذه الجماهير غير الواعية، ولم يكن قد صدر منه إلى ذلك الوقت وقبل تكشّفه انحرافٌ واضحٌ جليٌّ على مستوى الجماهير، ولم تكن قد صدرت منه معصيةٌ واضحةٌ محدّدة على المستوى المطلوب.
إذاً، فمعاوية بذلك المنظار ليس هو معاوية الذي يُنظر إليه اليوم بعد تكشّفه.
بينما معاوية ماذا يقول؟!
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 338: 5.
[2] راجع بعض الشواهد على ذلك في المحاضرة الحادية عشرة، تحت عنوان: أسباب الشكّفي رساليّة المعركة بين الإمام عليٍّ( عليه السلام) ومعاوية، السبب الثاني: نظرة المسلمين إلى معاوية قبل تكشّف أوراقه.