عثمان، ثمّ تربّع على كرسيّه بعده[1].
ما أقرب هذه الدعوى إلى التصديق على مستوى الحسّ!
هل هناك شخصٌ يعيش الأرقام التي كان يقدّمها معاوية عن هذه الطلائع العلويّة التي باشرت بنفسها قتل عثمان، أو التي ساعدت وحرّضت على عثمان- من قبيل: محمّد بن أبي بكر، وعمّار بن ياسر وأبي ذر، وغيرهم من أصحاب عليٍّ (عليه السلام) من أبطال المسلمين رضوان الله عليهم، هؤلاء الذين باشروا وحرّضوا على قتل عثمان- ثمّ يأتي علي (عليه السلام) بعده فيتسلّم زمام الحكم بعد عثمان .. هل هناك تفكيرٌ أقرب إلى الحسّ من أن يكون عليٌّ في المقام قد قتل عثمان بيد، ثمّ أخذ الحكم باليد الاخرى؟!
تفسير معاوية كان مقبولًا إلى حدٍّ ما؛ لأنّه كان قريباً من الحسّ، وأمّا تفسير الإمام (عليه السلام) لموقف معاوية [فقد] كان يحتاج إلى قدرٍ من الوعي.
نحن الآن ننظر إلى معاوية بعد أن انتهى وبعد أن تكشّف، وبعد أن صعد على منبر الكوفة في عام الجماعة[2] ليقول: «ما حاربتكم لتصلّوا أو تصوموا، وإنّما حاربتكم لأتأمّر عليكم»[3]. ننظر إلى معاوية بعد أن قتل حجر بنَ عديّ والأبطال الأبرار من إخوان حجر بن عدي[4]، وبعد سمّ الحسن (عليه السلام)[5]، وبعد
[1] تقدّم توثيق ذلك في المحاضرة الحادية عشرة، تحت عنوان: أسباب الشكّفي رساليّة المعركة بين الإمام عليٍّ( عليه السلام) ومعاوية، السبب الثاني: نظرة المسلمين إلى معاوية قبل تكشّف أوراقه.
[2] وهو عام 41 للهجرة، عام توقيع الصلح، فراجع: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 324: 5.
[3] تقدّم نصُّ كلامه في المحاضرة الحادية عشرة، فراجع: مقاتل الطالبيّين: 77؛ شرح نهج البلاغة 16: 15؛ البداية والنهاية 131: 8.
[4] وقد قتلوا بمرج عذراء، وهم سبعة نفر: حجر بن عدي، شريك بن شدّاد الحضرمي، صيفيبنفسيل الشيباني، قبيصة بن ضبيعة العبسي، محرز بن شهاب السعدي ثمّ المنقري، كدام بن حيّان العنزي وعبد الرحمن بن حسّان العنزي، فراجع: تاريخ اليعقوبي 231: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 277: 5. وفي( أنساب الأشراف 253: 5) أنّ عبد الرحمن أخو كدام، وأنّه ابن حيّان لا ابن حسّان.
[5] مروج الذهب 427: 2.