لخطبةٍ أن تدفع الشكّ- عن الإمام عليّ (عليه السلام)، بعد هذا وقف ساكتاً يتأمّل ليرى ماذا سيكون ردّ الفعل؟ ماذا يكون موقف المسلمين من هذه اللحظة، من ملء الفراغ، من القضيّة المطروحة الآن؟ وهي قضيّة ملء الفراغ الذي تركه الإمام علي (عليه السلام) .. لمن يتوجّه المسلمون الآن؟
كلّ المسلمين سكتوا، لم يقم أحد، لم يجب أحد، لم يُبرِز أحدٌ شيئاً، هؤلاء المسلمون المجتمعون في المسجد، هؤلاء هم الامناء على التجربة، هم أصحاب علي، هم قادة هذا المجتمع، هم الطليعة التي كان بها يصول وبها يكافح وبها يجاهد هذا الإمامُ العظيم، كلّهم سكتوا، لم يجب [أحد]، لم يقل [أحدٌ] شيئاً أبداً.
قام ابن عمّه عبدالله بن عبّاس فقدّم اطروحة خلافة الإمام: قال بأنّ عليّاً (عليه السلام) إن كان قد ذهب فهناك ابنه الحسن (عليه السلام) سوف يواصل طريقه، سوف يسير في خطّه، سوف يحمل اللواء، سوف نسير في كنفه.
حينما قدّم هذا الشعار أو هذه الاطروحة بدؤوا: شخصٌ [يقوم] من زاوية المسجد، وشخصٌ من زاوية اخرى، وهكذا .. فاستجابوا مع هذا الشعار وبويع الإمام (عليه السلام)[1].
لماذا قَبِل الإمام الحسن (عليه السلام) بأنْ يُبايَع في ظلّ تنامي مرض الشكّ؟
وهنا قد يقول القائل: إنّ الإمام الحسن لماذا قبل أن يبايَع وهو يشعر بهذا الشكّ المتزايد المتنامي؟ هذا الشكّ الذي يُعجز القيادة عن إنجاح أهدافها
[1] مقاتل الطالبيّين: 62؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 7: 2- 9؛ شرح نهج البلاغة 30: 16. وفي الأوّل:« ابن عبّاس»، وفي الثاني والثالث:« عبدالله بن العبّاس»، غير أنّ في: صلح الحسن( عليه السلام): 58 نقلًا عن( شرح نهج البلاغة ط. ق 11: 4):« عبيد الله بن العبّاس»؛ باعتبار أنّ عبدالله بن العبّاس لم يكن بالكوفة يومئذٍ. وفي: الحدائق الورديّة في مناقب الأئمّة الزيديّة 1: 166 أنّ القائل:« قيس بن سعد بن عبادة».