عوامل طغيان الشكّ كيفيّاً وكميّاً بعد الإمام علي (عليه السلام):
هذا الشكّ بدأ يشتدّ ويقوى بعد الإمام علي (عليه السلام)؛ فإنّ موت الإمام كان [مثيراً] لعوامل عديدة، هذه العوامل العديدة أدّت إلى تنمية هذا الشكّ كيفيّاً وكميّاً.
1- العامل الأوّل: الفراغ الذي خلّفه رحيل الإمام علي (عليه السلام):
أوّل هذه العوامل: لحظة الفراغ؛ فالإمام علي (عليه السلام) ملأ المركز السياسي للتجربة، وكان كلّ إنسان في التجربة مشدوداً بواقع حياته إلى الاعتراف بسلطته وشرعيّته وأحقيّته.
ثمّ فُقد الإمام في لحظة مفاجئة من دون سابقِ تمهيدٍ أو إعدادٍ لهذا الخطّ. وهذا الاغتيال الذي أودى بحياة هذا الإمام العظيم أدّى بالمسلمين الذين عاشوا في كنف التجربة التي تزعمّها الإمام علي (عليه السلام) إلى أن يعيشوا لحظة فراغٍ سياسي[1].
حينما انطفأت الشعلة، حينما خلت الساحة من الإمام، أخذوا يحسّون بأنّهم يفقدون اختيارهم، بأنّهم أصبحوا في مركز لا بدّ لهم [فيه من] أن يفكّروا من جديدٍ في أنّ أيّ الطريقين لا بدّ أن يختاروا! [بينما كانت] استمراريّة الحاكم تمنع من أن يشعروا بأنّهم في موقفٍ يتيح لهم التفكير من جديد.
إنّ انطفاء الشعلة وخلوّ الساحة من الإمام القائد (عليه السلام) أدّى بهؤلاء إلى أن أصبحوا يشعرون بأنّهم في موقفٍ جديد، و [أنّ عليهم أن] يدرسوا قضيّتهم الجديدة، ويدرسوا- على ضوء مصالحهم- الاتجاهَ والسلوكَ الذي يجب أن يُطبَّق بالنسبة إلى مستقبلهم.
[1] أعدنا صياغة هذا المقطع وفق مراده( قدّس سرّه)؛ لأنّ العبارة في( غ) و( ه-) شديدة الاضطراب.