وتقييمها للسلوك.
هذه المعركة كان يعطيها الإمام لا بقوله فقط، بل بسلوكه ووجوده وتصديقه بهذا المفهوم. استطاع الإمام علي أن [يصنع] المعجزة في سبيل أن يجعل شعباً يواكب هذا المفهوم ويقتنع به، وهو شعبٌ لم يعِش أيّام الرسالة الاولى، ولم يعِش قضيّة الإسلام على عهد النبوّة.
شعب العراق دخل الإسلام منذ سنين[1]، ولم تكن أكثر القواعد الشعبيّة التي اعتمد عليها الإمام علي (عليه السلام) قد عاشت أكثر أيّام الإسلام الاولى، أيّام الوحي الاولى، مع هذا كسب الإمام هذا الاقتناع إلى درجةٍ ما وإلى وقتٍ ما.
ثمّ بدأ الشكّ في ذلك، [بدأ] الشكّ في قضية عليٍّ (عليه السلام) مع معاوية: هل هي قضيّة الإسلام مع الجاهليّة بثوب جديد؟ أو هي قضيّة صراع بين شخصين، بين اسرتين، بين اتجاهين كانا يتحاربان قبل الإسلام واستأنفا الحرب بعد الإسلام؟
كان هاشم مع اميّة، كان عبد المطلب مع امويٍّ آخر[2]، كان محمّد مع أبي سفيان، كان عليٌّ مع معاوية، هل هذه الحرب هي استمراريّة لاتجاهين تاريخيّين وعلاقة تاريخيّة متأخّرة بين هاتين القبيلتين؟
هذا الشكّ بدأ يوجد وينمو في عصر الإمام علي (عليه السلام)، لكن هل المنمّي له هو [الإمام علي (عليه السلام)] أو سياسة الإمام علي (عليه السلام)؟
بل هو الإرهاق الشعبي، انقطاع النفس، رغبة الشعب، حبّ السلامة .. هذا هو الذي نمّى هذا الشكّ.
[1] بدأ المسلمون بفتح العراق سنة 12 ه-، فراجع: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 343: 3؛ الفتوح 72: 1.
[2] وهو: حرب بن اميّة.