وأمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) في مقابل هذا الشعار لم يكن أيضاً يريد أن يصرّح بكلّ وضوح بأنّ عثمان كان جديراً بأن يقتل، كان يجب أن يقتل[1]؛ لأنّه لو صرّح بهذا إذاً لتعمّق اتّهام معاوية بن أبي سفيان له بأنّه هو القاتل، لطوّر التهمة من أنّه: «أعطني قتلة عثمان» إلى «أنّك أنت قتلت عثمان».
عليُّ بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) لم يكن يريد أن يصرّح على المكشوف وبالحرف الواحد أنّ عثمان بن عفّان كان يستحقّ أن يُقتل، فبقي هذا الشعار الذي قذفه معاوية وأطلقه شعاراً مضلّلًا إلى حدٍّ كبير. هذا من ناحية.
السبب الثالث: ميل المسلمين النفسي نحو شخصنة المعركة تبريراً لتنصّلهم:
من ناحيةٍ اخرى: أيضاً لا بدّ وأن نلاحظ الجهود والأتعاب والتضحيات التي قام بها المسلمون في كنف الإمام علي (عليه الصلاة والسلام).
لا أدري، هل جَرَّب أحدكم أو لم يُجرّب هذا الإيحاء النفسي حينما تكون المهمّة صعبةً على الإنسان [و] ثقيلةً على الإنسان، توسوس له نفسه بالتشكيك في صحّة هذه المهمّة بمختلف التشكيكات، يوسوس في صحّة هذه المهمّة: من قال هكذا؟!
حينما يكون من الصعب عليه أن يأمر بالمعروف، حينما يكون من الصعب عليه كلمةُ حقٍّ أمام رجلٍ مبطل، حينئذٍ يأخذ بالوسوسة: من قال بأنّ هذا الرجل مبطل؟ من قال [بأنّي] أنا قادر على أن أقول له هذا الكلام؟ من قال بأنّ شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تامّة؟! يوسوس في هذا لأجل أن يستريح من هذه المهمّة، لأجل أن يلقي عن ظهره هذا العبء الكبير.
كلّ إنسانٍ يميل بطبيعته إلى الدعة، إلى الكسل، إلى الراحة، إلى
[1] عندما طالب رُسُلُ معاوية عليّاً( عليه السلام) أن يشهد بأنّ عثمان قتل مظلوماً أجابهم:« لا أقول إنّه قتل مظلوماً، ولا إنّه قتل ظالماً» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 8: 5. ولكنّ عمّار بن ياسر قال:« والله! إن كان إلّا ظالماً لنفسه، الحاكمَ بغير ما أنزل الله» وقعة صفّين: 326.