اقتناع الامّة بالقضيّة شرط نجاحها:
وما من رسالةٍ وقائدٍ يحمل[1] اطروحةً رساليّةً تكون فوق مصالح الأفراد وفوق حدود وجوداتهم، ما من رسالةٍ وقائدٍ يحمل رسالةً من هذا القبيل يمكن أن ينجح في خطّ عمله ما لم يحصل على اقتناع الامّة بالاطروحة والقضيّة.
القضيّة التي [هي] أكبر من مصالح هذا الفرد بالذات وذاك الفرد بالذات لا يمكن أن تضمن نجاح مصلحة هذا الفرد بالذات وهذا الفرد بالذات؛ فالمصالح المحدودة المقيّدة قد تتعارض مع قضيّة كبيرة.
وهذه القضيّة الكبيرة جدّاً- أيّ قضيّة كبيرة جدّاً تطرح على المسرح السياسي أو الاجتماعي- لا يمكن أن تنجح إلّا إذا حصلت على اقتناعٍ من الامّة بصحّتها ونبلها وواقعيّتها وضرورة تطبيقها.
وهنا لا يلزم أن يحصل هذا الاقتناع من الامّة ككلّ، بل يكفي أن يحصل هذا الاقتناع لدى جزءٍ مهمٍّ من الامّة، ثمّ يُحصِّل هذا الجزء باقي الأجزاء، فيكسبها بالتدريج إلى الاقتناع، كما وقع في أيّام النبي (صلّى الله عليه وآله):
[في أيّام النبي (صلّى الله عليه وآله)][2] كان هناك اقتناع من قبل جزءٍ من الامّة، وكان هناك استسلام وتجميد من قبل أجزاء اخرى سمّاها القرآن ب- «المنافقين»؛ الجزء المنافق من الامّة كان جمّد مهمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله)[3]، والجزء المقتنع من الامّة هو الطليعة التي تحمل بيدها الرسالة، وتحارب من أجلها، وتبذل دمها في سبيل تحقيق الأهداف.
[1] في( غ) و( ه-):« يحسن»، وما أثبتناه للسياق، ويؤيّده ما يأتي.
[2] ما بين عضادتين كرّرناه للسياق.
[3] كذا في( غ)، وفي( ه-):« بالمنافقين، الجزء المناقض. وكان محمّد والجزء المقتنع …».