للسلطة الحاكمة وقتئذٍ [لكي لا][1] يُتّخذ هذا نقطة ضعف عليه، لكي يبتعد عن أقلّ نقاط الضعف، لكي يوفّر له كلّ عوامل السلامة، كلّ ضمانات البقاء الذليل .. لكي يوفّر له كلّ ضمانات البقاء الذليل أخذ رسول الإمام، وأخذ الرسالة، وقدّم الرسالة والرسول بين يدي عبيدالله بن زياد، فأمر عبيدالله بن زياد بالرسول فقتل رضوان الله عليه[2].
ب- شخص آخر من هؤلاء الزعماء: الأحنف بن قيس، الذي عاش مع خطّ جهاد الإمام علي، الذي عاش مع حياة الإمام عليّ عن قرب، وتربّى على يديه[3]، ماذا كان جوابه لابن الإمام علي (عليهما السلام)؟!
قال له في رسالة أجاب بها على رسالته، قال له: «وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ[4]»[5]، أمره بالتصبّر والتريّث، وقال له بأنّه لا يستخفّنّك الذين لا يوقنون، معرّضاً بالطلبات التي كان الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) يتلقّاها من شيعته.
كيف تبرّر الامّة المهزومة هزيمتها؟
وفي الواقع: إنّ رسالة الأحنف تعبّر في الحقيقة عن أخلاقيّة الامّة المهزومة، عن أخلاقيّة الامّة في حالة الهزيمة؛ فإنّ الامّة في حالة تعرّضها للهزيمة النفسيّة، في حالة فقدانها لإرادتها وعدم شعورها بوجودها كامّة، في مثل هذه الحالة تنشأ لديها بالتدريج أخلاقيّة معيّنة هي أخلاقيّة هذه الهزيمة.
وأخلاقيّة هذه الهزيمة تصبح قوّة كبيرة جدّاً بيد صانعي هذه الهزيمة
[1] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[2] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 357: 5؛ الفتوح 37: 5.
[3] اعتزل الجمل وشهد صفّين، انظر: أسد الغابة في معرفة الصحابة 69: 1؛ الإصابة في تمييز الصحابة 333: 1؛ وقعة صفّين: 116.
[4] الروم: 60.
[5] أنساب الأشراف 163: 3. وسيتجدّد الحديث عن موقف الأحنف في مطلع المحاضرة العشرين.