فهذا الشموخ المستمدّ من ركائز فاسدة، من أجهزة فاسدة، لا يمكن أن يتمرّد على هذه الركائز. هذا الزعيم حتّى لو كان حسن النيّة والتصوّر، مع هذا لو أنّه طبّق هذه الصورة سوف يجد في نهاية الطريق أنّه عاجز عن التغيير، وسوف لن يتمكّن من تحقيق أهدافه الكبيرة؛ لأنّ هذا الزعيم مهما كان متمكّناً ومتسلّطاً، فلن يستطيع أن يغيّر بيئةً بجرّةِ قلم أو إصدار قرار، وإنّما تتغيّر البيئة عن طريق الأجهزة التي تنفّذ إرادة هذا الزعيم وتخطيطه. وهذه الأجهزة إذا كانت هي نفسها لا تتّفق مع الإرادة الإصلاحيّة لهذا الزعيم، فكيف تنفّذ إرادته وتحقّق أهدافه؟!
إذاً، فطبيعة الأشياء وطبيعة العمل التغييري في أيّة بيئة تفرض على أيِّ زعيم عقائدي إصلاحي أن يبدأ العمل ويبدأ بناء زعامته بصورةٍ منفصلةٍ عن تلك الأجهزة الفاسدة. وهذا ما كان يفرض على الإمام عليٍّ (عليه السلام) أن لا يقرّ ولا يمضي مخلّفات عثمان بن عفّان الإداريّة والسياسيّة.
النقطة السادسة: اكتساب معاوية من عمليّة الإمضاء المؤقّت لباس الشرعيّة:
النقطة السادسة التي لا بدّ من الالتفات إليها في هذا المجال هي أنّ الإمام (عليه السلام) لو كان قد أمضى مرحليّاً الأجهزة التي خلّفها عثمان- مثل معاوية بن أبي سفيان- لحصل من ذلك على نقطة قوّة مؤقّتة؛ إذ لو باع الامّة من معاوية بن أبي سفيان بيعاً مؤقّتاً مع خيار الفسخ لاستطاع بذلك أن يحصل على نقطة قوّة، وهي أنّ معاوية بن أبي سفيان سوف يبايع عليّاً (عليه السلام)، وسوف يبايعه أهل الشام، و [نقطة القوّة هذه] هي ما يفترضه المعترِض على تصرّف الإمام.
صحيحٌ أنّ هذه النقطة نقطة قوّة في حساب عمليّة التغيير، لكن في مقابل هذا سوف يحصل معاوية على نقطة قوّة، ونقطة القوّة هذه هي اعتراف صاحبِ الاطروحة الجديدة وصاحبِ الخطّ الإسلامي المعارض على طول