ففي هذه الحالة لا يهمّ شخص الحاكم، بل المهمّ الاطروحة؛ لأنّه ليس من الممكن أن يعتقد المرء بشيء وينفّذ في الواقع شيئاً آخر إلّا أن يكون إيمانه وهميّاً.
5- والحالة الأخيرة: أن يكون شخص الحاكم فقيهاً، أو مسلماً ليس بفقيه، أو غير مسلم، والاطروحة المتبنّاة من قبله اطروحة كافرة بعيدة عن الحقّ، محارِبةً للرسالة السماويّة.
فعلى المسلمين في مثل هذا الوضع الوقوفُ بوجه الحاكم ومعارضته ومحاربته؛ لأنّ المهم ليس شخص الحاكم وإن كان فقيهاً، بل المهم هو مقدار ما ينفّذ من الاطروحة الإسلاميّة على مسرح الحياة.
النظرة التي بُني على أساسها موقف الإمام الحسين (عليه السلام):
ومن خلال ذلك نستطيع أن نحدّد الموقف العمليَّ للحسين (عليه السلام) بأنّه موقفٌ مبنيٌّ على ضوء النظرة الإسلاميّة للحكم؛ لأنّ النظريّة الإسلاميّة في الحكم تُبتنى على أساس الاطروحة المنفَّذة في الواقع والمتجسِّدة في الخطوات العمليّة للسلطة: فإن كانت تلك الاطروحة إسلاميّة فهي، وإلّا فلا قيمة لإسلاميّة الحاكم وصَلاته وتعبّده؛ لأنّ المعنى العبادي الحقيقي لا بدّ أن ينعكس على سلوك الفرد ومشاعره وأعماله.
ومن هنا: فلا قيمة لإسلاميّة يزيد أو غيره من حكّام الجور، ولا معنى للشعائر التي يؤدّونها.
وإذا كان الأمر كذلك والحكّام الامويّون لا يطبّقون شريعة السماء، فعلى الحسين (عليه السلام) بالذات- كأفضل إنسانٍ يجسّد الإسلام يومذاك- وعلى المسلمين جميعاً الوقوفُ بوجه هؤلاء الطغاة والتصدّي لهم؛ لأنّهم يريدون حكم الجاهليّة ويحاربون شريعة السماء، ولكنّ هذه الجاهليّة ارتدت ثوباً جديداً هذه المرّة