يُخفي حقيقتها عن الأنظار.
ولقد ثار الحسين (عليه السلام) ليكشف للُامّة اختفاء الحكّام خلف اسم الدين، وليفضح للمسلمين حقيقة الطواغيب الذين حكموا الناس باسم خلافة الرسول (صلّى الله عليه وآله).
لم تكن واقعة الطفِّ قضيّةً مأساويّة عابرة حدثت في مرحلة معيّنة من التاريخ [فحسب]، بل هي صورة متكاملة لتجسيد الصراع بين الحقّ والباطل، هي مسرحيّة واقعيّة تنبض بالحياة، أدّى أدوارَها كلُّ صنفٍ من أصناف البشر وبمختلف الأعمار والأجناس: فيها المعصوم الذي لا يخطئ ساهياً، والمجرم الذي لا يتورّع عن فعل أدنى الأفعال وأبشعها، فيها المرأة والطفل الرضيع والصبيُّ والشيخ العجوز، فيها التائب والعاصي، فيها السموُّ والرفعة، وفيها أيضاً الدناءة والخسّة.
وهي وإن لم تعبّر عن مرحلة تاريخيّة، لكنّها عبّرت عن حالة امّة، وانحرف بها الحكّام عن جادّة الصواب، وأبعدوها عن رسالتها وعقيدتها، حتّى أصبحت امّة ميْتة، لا تفكّر إلّا بهذا المقدار من النَّفَسِ[1] الصاعد النازل .. هذه الامّة التي بلغ بها الخوفُ حدّاً لا يوصف؛ فهي تعرف أنّ الحقّ لا يُعمَل به، والمنكرَ لا يُتناهى عنه[2]، تدرك ذلك ولا تحرّك ساكناً. إنّ هذه الامّة جاءها [أجلها][3] فماتت، وإن كانت الأجساد متحرّكة.
[1] أثبتناها:« النَّفَس» بدل« النَّفْس» باعتبار تكرّرها بهذا النحو في المحاضرات الصوتيّة للشهيد الصدر( قدّس سرّه).
[2] المعجم الكبير 115: 3؛ ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: 150.
[3] في البحث المطبوع:« أهلها»، ولعلّ الصحيح ما أثبتناه.