شعبيّة قادرةٍ على أن تحمي هذه التجربة، وأن تُسنِد هذه التجربة، وأن تضحّي بدمها في سبيل هذه التجربة[1].
أمّا حينما تفقد التجربة هذا الاقتناع، حينما تصبح حالة [الاقتناع] بالنسبة إليها صفراً، تصبح هذه التجربة مشلولةً عن العمل، غير قادرةٍ على الدفاع عن ذاتها ونفسها؛ لأنّها بِمَ تستهوي الناس؟ هل تستهوي الناس بالمصالح الخاصّة؟ هذا خروج عن مضمونها الحقيقي.
نعم، كان بالإمكان أن يستهوي الإمام الحسن الناس عن طريق مصالحهم الخاصّة، كان بإمكان الحسن أن يدخل المداخل التي دخلها معاوية، أن يشتري ضمائر الناس، أن يكتب إلى رؤساء الشام كما كتب معاوية إلى رؤساء العراق، أن يخدع، أن يماطل، أن يقوم بتوزيع الأموال على غير الأساس الإسلامي الصحيح .. إلّا أنّ هذا خروج عن المضمون الحقيقي للنظريّة.
إذاً، فكان يتوقّف بقاء التجربة- ويتوقّف بقاء كلّ تجربةٍ رساليةٍ طاهرةٍ نظيفة- على أن يوجد هناك مؤمنون بنظافتها، مؤمنون بطهارتها، مؤمنون بضرورتها، مستعدّون للدفاع عنها.
وحيث إنّ هذا الاقتناع زال في ظروف الشكّ التي شرحناها، فلهذا كان محتّماً ومقضيّاً [على هذه][2] التجربة أن تنتهي.
ولكن هل تنتهي بأنْ يواصل الإمام الحسن الطريق الأوّل، يواصل الكفاح والجهاد حتّى يخرّ صريعاً في مسكَن أو في المدائن؟ أو تنتهي بطريقٍ آخر؟
كان لا بدّ من أن تدرس مصلحة هذه التجربة أيضاً في تحديد أحد هذين الطريقين.
الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) في هذا أيضاً نجد أنّه يختلف اختلافاً كبيراً عن الإمام
[1] راجع المحاضرة الرابعة عشرة، تحت عنوان: اقتناع الامّة بالقضيّة شرط نجاحها.
[2] ما بين عضادتين ساقطٌ من المحاضرة الصوتيّة، وقد أثبتناه من( غ) و( ه-).