الحسين (عليه الصلاة والسلام):
الإمام الحسين لم يكن قائداً لتجربةٍ سياسيّة قائمةٍ بالفعل، لم يكن رئيساً لدولة قائمة بالفعل، لم يكن أميناً على حكم قائم بالفعل، وإنّما كان شخصاً مستضعفاً ومضطهداً في الأرض، لم يكن معه إلّا ثلّة من أصحابه.
أمّا الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) [فقد] كان يمثّل جبهةً سياسيّة قائمةً بالفعل، إلّا أنّ هذه الجبهة بالرغم من ضخامتها المظهريّة، بالرغم من تخوّف معاوية منها، بالرغم من أنّ معاوية بقي يفضّل مئة مرّةٍ أن[1] يدخل إلى ساحة هذه الجبهة عن طريق الحيلة على أن[2] يدخلها عن طريق السيف؛ لأنّه كان يقدّر، كان يشكّ، كان يحتمل أن تكون الجبهة ملغّمة عليه إلى حدٍّ ما، هذه الجبهة بالرغم من ضخامتها المظهريّة كانت منكوبةً من الداخل، كانت فراغاً من الداخل.
إلّا أنّ هذه الضخامة المظهريّة لهذه التجربة كانت تعطي فرصة للإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) أن يدخل مع معاوية بن أبي سفيان في تحقيق أكبر قدرٍ ممكن من المكسب لهذه التجربة، ولأهداف هذه التجربة، ولرسالة هذه التجربة.
لم يكن هناك بالإمكان أن يدخل الحسين في تحقيق مكاسب عن طريق المفاوضة السياسيّة مع يزيد والحسين شخصٌ عاديٌّ من أفراد المسلمين، بينما كان بإمكان الإمام الحسن وهو يتزعّم جبهةً مخيفةً لمعاوية من هذا القبيل لا تزال حتّى الآن تذكّر معاوية بسيوف ليلة الهرير[3]، هذه الجبهة التي كانت تذكّر معاويةَ بسيوف ليلة الهرير كان بإمكان زعيمها أن يفرض على معاوية بعض التنازلات في مقابل إيقاف العمل مؤقّتاً.
وهكذا كان، يعني: كان من الأفضل بالنسبة إلى مصلحة هذه التجربة أن
[1] في المحاضرة الصوتيّة:« على أن».
[2] في المحاضرة الصوتيّة:« من أن».
[3] راجع: وقعة صفّين: 479؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 42: 5؛ الفتوح 174: 3.