توقَف وأن تنحسر- مع ضمان رجوعها ولو رسميّاً وقانونيّاً- على أن تنتهي انتهاءً كاملًا باستمرار القتال واستشهاد الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام).
كان هناك طريقان:
أ- إمّا أن يواصل الإمام الحسن الجهاد والكفاح، فيقتل دون قيد أو شرط؛ لأنّه يعلم أنّ التجربة مقضيٌّ عليها بالفناء. وسواءٌ علم معاوية بذلك أو لم يعلم، فالإمام الحسن- الذي يعيش الأوضاع الداخليّة لمجتمعه- هو أعلم بهذا، وأدرى به، ولهذا كان معنى المواصلة أن يُقتل. ومعنى أن يقتل: أن تنتهي التجربة دون أن يكون هناك أيُّ أساسٍ- يعني أيّ أساسٍ قانوني، أقصد: شرعي- لإمكانيّة رجوعها بعد هذا.
ب- [وإمّا] أن يدخل الإمام الحسن عن طريق هذه الهيبة المظهريّة لهذه الجبهة، أن يدخل في حديثٍ مع معاوية لاستبقاء ما يمكن استبقاؤه من مكاسب هذه التجربة.
وقد اختار الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) الطريق الثاني، وكان لا بدّ لكلّ إنسان يعيش ظروف الإمام الحسن أن يختار الطريق الثاني، إلّا إذا ركبته تلك الاعتبارات العاطفيّة التي ذكرناها في بداية الحديث، وقلنا: إنّها لا تدخل في حساب الإنسان الحقّ[1].
ولهذا، الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) اشترط لمعاوية على نفسه أن ينسحب عن ميدان الحكم، ولم ينصّ هذا الشرط على نوعٍ من البيعة والتبعيّة السياسيّة الصريحة في الروايات الصحيحة الواردة عنه (عليه أفضل الصلاة والسلام). لا يوجد في الروايات الصحيحة الواردة عن الإمام الحسن أنّه اشترط لمعاوية
[1] في هذه المحاضرة، تحت عنوان: الاعتبارات المتمثّلة في الإمام الحسن( عليه السلام)، خروج الاعتبار العاطفي غير الرسالي عن حسابات الإمام الحسن( عليه السلام).