على نفسه البيعة والتبعيّة السياسيّة[1] بالمعنى الذي كان موجوداً لعليٍّ (عليه الصلاة والسلام) بالنسبة إلى أبي بكر أو عمر أو عثمان[2]، وإنّما كان هناك إيقافٌ للعمل، إيقافٌ للمعركة وللقتال.
وفي مقابل هذا الإيقاف كان هناك شيء، كان هناك تعهّدات اشترطها على معاوية، بعض هذه التعهّدات ترجع إلى الكتلة[3]، وهذا هو الاعتبار الثالث الذي سوف نتكلّم عنه في ما بعد، وبعضها ترجع إلى التجربة، يعني ترجع إلى الحكم وإلى الكيان السياسي.
وأهمّ هذه التعهّدات: أنّه اشترط على معاوية أن لا يوصي إلى أحدٍ غير الإمام الحسن بالأمر من بعده[4]. وفي روايةٍ اخرى: أن يوصي إلى الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام)[5].
وبهذا كان الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) يريد أن ينحسر عن الحكم لكي يكسب اقتناع المسلمين بصحّة الاطروحة، ثمّ لكي يضع أساساً جديداً، يمكن للُاطروحة على هذا الأساس الجديد أن [تحوز][6] مرّةً اخرى على الميدان
[1] « بايع الحسن بن علي( عليه السلام) معاوية على أن لا يسمّيه أمير المؤمنين» علل الشرائع 211: 1. وراجع حول المسألة: صلح الحسن( عليه السلام): 272، حديث البيعة.
[2] على قولٍ. وبحسب الشيخ المفيد( رحمه الله)، فقد« أجمعت الامّة على أنّ أمير المؤمنين( عليه السلام) تأخّر عن بيعة أبي بكر: فالمقلِّل يقول: كان تأخّره ثلاثة أيّام، ومنهم من يقول: تأخّر حتّى ماتت فاطمة( عليها السلام) ثمّ بايع بعد موتها، ومنهم من يقول: تأخّر أربعين يوماً، ومنهم من يقول: تأخّر ستّة أشهر. والمحقّقون من أهل الإمامة يقولون: لم يبايع ساعةً قطُّ» الفصول المختارة: 56.
[3] وهي التي تسمّى اليوم ب-( الشيعة) بحسب ما جاء في مطلع هذه المحاضرة ويأتي منه( قدّس سرّه) قريباً.
[4] « ليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين» كشف الغمّة في معرفة الأئمّة( عليهم السلام) 570: 1؛ بحار الأنوار 65: 44، عنه.
[5] « فاصطلح معه على أنّ لمعاوية الإمامة ما كان حيّاً، فإذا مات فالأمر للحسن» الإمامة والسياسة: 184. وراجع: مقاتل الطالبيّين: 68؛ الاستيعاب في معرفة الأصحاب 386: 1؛ شرح نهج البلاغة 37: 16.
[6] المحاضرة الصوتيّة غير واضحة عند هذه الكلمة فقط، والأقرب ما أثبتناه. وفي( غ) و( ه-):« أن ترجع مرّة اخرى للميدان السياسي»، وهو ليس كذلك حتماً.