تلقّاها من سادة المسلمين، من الأشخاص الذين كان بيدهم الحلّ والعقد في المجتمع الإسلامي، تلقّاها من أشخاصٍ من قبيل: عبد الله بن عبّاس[1]، وعبدالله بن عمر بن الخطّاب[2]، وعبد الله بن جعفر الطيّار[3]، ومن قِبَل أخيه محمّد بنالحنفيّة[4]، ومن قِبَل غيرهم من سادة الرأي في المجتمع الإسلامي.
حتّى إنّ عبدالله بن جعفر، عبدالله بن جعفر الذي هو ابن عمّه، الذي هو ابن أخي عليِّ بن أبي طالب، بالرغم من وشائج النسب الوثيق، بالرغم من ارتباطه النَسَبي بالخطّ، بالرغم من هذا كان منهاراً نفسيّاً، إلى الدرجة التي أرسل فيها رسالة إلى الإمام الحسين حينما سمع بعزمه على سرعة الخروج من مكّة: «أنْ انتظر حتّى ألحق بك»، وماذا كان يريد من هذا الانتظار؟
الإمام الحسين لم ينتظره. حينما وصل عبدالله بن جعفر إلى مكّة كان الإمام الشهيد قد خرج من مكّة، ذهب عبد الله بن جعفر رأساً إلى والي بني اميّة في مكّة، أخذ منه كتاب الأمان للحسين، وذهب بالكتاب إلى الحسين، وهو يرى أنّه قد استطاع بهذا أن يقضي على كلّ مبرّرات خروج الحسين، لماذا يخرج الحسين من مكّة؟ لأنّه خائف في مكّة، وقد جاء الأمان له من سلاطين بني اميّة[5].
هذه النصائح كانت تعبّر عن نوعٍ من الانهيار النفسي الكامل الذي شمل زعماء المسلمين وسادة المسلمين، فضلًا عن الجماهير التي كانت تعيش هذا الانهيار مضاعفاً في أخلاقها وسلوكها وأطماعها ورغباتها.
[1] الأخبار الطوال: 244؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 383: 5؛ الفتوح 66: 5؛ الكامل في التاريخ 39: 4.
[2] الفتوح 23: 5؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 278: 1.
[3] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 387: 5.
[4] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 341: 5؛ الفتوح 20: 5.
[5] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 387: 5- 389.