نفس المنهج، واتّبع نفس الإطار العامّ الذي اتّبعه الفقيه الآخر؟
لو كان (عليه السلام) قد سلك هذا السلوك لما استفزّ الخليفة، ولما استفزّ السياسة الحاكمة، ولكان هذا يجعله في مصاف بقيّة الفقهاء، بل يجعله أكبر من بقيّة الفقهاء الآخرين [الذين كانوا] كلّهم بالنظر العامّ أهبط من مستوى الأئمّة.
يقول ذلك الشخص: «ما رأيت العلماء أمام شخصٍ هم أصغر وأحقر منهم أمام محمّد الباقر»[1].
لو كان ينهج نفس المنهج ويتّخذ نفس الإطار ويُلبس الفتوى الواقعيّة هذه الأثواب إذاً لنجح، ولما وجد هناك تقيّة بهذا المعنى الذي [قلناه].
نعم، توجد تقيّة في مجالاتٍ خاصّةٍ ترتبط بمصالح الحاكم لا أكثر من ذلك.
2- لكنّ هذا كان يتنافى مع طبيعة الذات[2]؛ لأنّ هذا إمضاءٌ ضمنيٌّ لهذه الأثواب، إمضاءٌ ضمنيٌّ لهذا الإطار، إمضاءٌ ضمنيٌّ لهذه الذهنيّة العامّة المنحرفة عند المسلمين، وتعطيلٌ ضمنيٌّ لمبدأ مرجعيّة أهل البيت (عليهم السلام).
إنّ المسألة الجهاديّة وقتئذٍ لم تكن مسألةَ أن ينقل الفتوى الواقعيّة في هذه القضيّة أو في تلك القضيّة، وإنّما [أنْ] تُعطى في إطار مرجعيّة أهل البيت، هذه كانت هي المسألة الجهاديّة، وهذه المسألة الجهاديّة هي التي تستفزّ السلطان، وتستفزّ الذهنيّة العامّة للمسلمين أيضاً؛ لأنّ الذهنيّة العامّة للمسلمين غير مستعدّةٍ لِأنْ تسمع مثل هذا.
نعم، هي مستعدّة لِأنْ تسمع من الإمام على قدر ما تسمعه من مالك وأبي
[1] قال عبد الله بن عطاء:« ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر» تاريخ مدينة دمشق 278: 54؛ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: 280. وفي: تذكرة الخواص: 302 أنّ القائل: عطاء.
[2] كذا في( غ) و( ج).