حنيفة وغيرهم، ولكنّها غير مستعدّة لِأنْ تسمع ذلك على نحوٍ غيبيٍّ إلهي، وإنّما تقول حينئذٍ: «إنّ هذا ساحر، إنّ هذا كذّاب» كما قال الجاهليّون عن جدّه (صلّى الله عليه وآله)![1]
إذاً، ففي الوقت الذي كان فيه الإمام يجاهد فيه بإعطاء هذا الإطار، كان في الوقت نفسه يتّقي عن إعطاء هذا الإطار إلّا في الحدود التي تحقّق مكسباً جديداً للفرقة، من دون أن يستفزّ أذواق الآخرين بما يعود على الفرقة بالوبال وبالخسارة.
وكثيرٌ من الإفتاءات الفقهيّة أنا [أظنّها] على هذا الأساس؛ لأنّ أمر الإمام كان يدور بين أن يُظهر الواقع لكن في إطارهم، وبين أن لا يُظهر الواقع. في المقام لم يظهر الواقع، وتابعهم بحسب الصورة، بل كان إمّا أن يعطي الواقع بثوبه الإلهي، وإمّا أن يتظاهر بالتبعيّة المطلقة للفقهاء الآخرين وأنّه ليس له كلامٌ إلّا كلامهم، كلّ هذا كان لأجل دقّة الموقف بكلا قسميه.
هذه هي المشكلة التي كان يواجهها الإمام الباقر (عليه السلام) بحسب الخارج، مشكلة تمخّض الانحراف في الحياة الإسلاميّة عن وضع مبدأ آخر في مقابل هذا المبدأ.
وهذا المبدأ عاصره الإمام الباقر (عليه السلام) في حياة مخاض، ثمّ يعاصره الإمام الصادق وهو في حالة عنفوانه، ويواجهه بعد أن اشتدّ [ساعدُه][2] ونما وأصبح شيئاً رسميّاً مقهراً[3] مفروغاً عنه، على ما يأتي في حياة الإمام الصادق (عليه السلام)[4].
[1] وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ص: 4.
[2] في( غ) و( ج):« فاعله»، ولعلّ الصادر منه( قدّس سرّه) ما أثبتناه.
[3] كذا في( غ) و( ج).
[4] إذا كان( قدّس سرّه) قد تحدّث بشيء عن الإمام الصادق( عليه السلام)، فلم يصلنا.