فكيف برئيس دولة يريد أن يواصل الحرب إلى الموت؟
كان لا بدّ لكي يواصل الحرب إلى الموت من أن يعتصر كلّ طاقات قواعده الشعبيّة، وكلّ ما يملك من حول وطَول في هذه القواعد الشعبيّة. وكان معنى هذا أنّه سوف لن يبقى هناك وجودٌ إسلاميٌّ قادرٌ على أن يسترجع ذلك الاقتناع الذي فُقِد، ذلك الاقتناع بالاطروحة.
ذلك الاقتناع بالاطروحة إلى من رجع؟
رجع إلى حجر بن عدي وأمثال حجر بن عدي[1]: هؤلاء هم أوّل من بدأ يقتنع بعد أن شكّ- لو قلنا بأنّ حجراً شكّ[2]، أنا على سبيل المثال أقول بأنّ حجراً [شكّ]-، يعني هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا ظلم معاوية وقتلوا بسيف معاوية، هؤلاء هم أوّل جزءٍ من القاعدة الشعبيّة الذين رجع إليهم الاقتناع، وعن طريق دمهم وعن طريق إيمانهم وعن طريق اقتناعهم سرى هذا الاقتناع إلى الآخرين، وسرى هذا الاقتناع عبر الأجيال، وسرى إلينا؛ فكنّا شيعةً بفضل هذا الاقتناع، وبفضل هذه الدماء، وبفضل هذا الإصرار المستميت من هؤلاء الأوائل (عليهم السلام)[3] على اطروحتهم وعقيدتهم.
لو أنّ هذا الجزء الذي كان فيه استعدادٌ لأنْ يرجع إلى الاقتناع بنحوٍ أفضل، لو أنّ ذاك الجزء الأكثر ضآلةً الذي كان لا يزال حتّى الفعل مقتنعاً إلى حدٍّ ما، لو أنّ هذه الأجزاء الصغيرة التي كانت إمّا مقتنعةً بالقوّة أو مقتنعة بالفعل
[1] من قبيل: المسيّب بن نجبة وسليمان بن صرد الخزاعي.
[2] على أساس ما نقل من اعتراض حجر وصاحبيه على الصلح، وقول حجر:« أما والله! لوددت أنّك متَّ في ذلك اليوم ومتنا معك ولم نر هذا اليوم؛ فإنّا رجعنا راغمين بما كرهنا ورجعوا مسرورين بما أحبّوا» مناقب آل أبي طالب 35: 4؛ بحار الأنوار 57: 44؛ شرح نهج البلاغة 15: 16. ويفترض أن يكون حجرُ بنُ عدي قد عاد من مهمّته؛ حيث بعثه( عليه السلام)« يأمر العمّال والناس بالتهيّؤ للمسير»، فراجع: مقاتل الطالبيّين: 69؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 10: 2.
[3] «( عليهم السلام)» هنا واردة في المحاضرة الصوتيّة، مع رجوع الكلام إلى أصحاب الأئمّة( عليهم السلام).