مستمدٌّ منه، أنّ وجوده في الإسلام مستمدٌّ منه.
هذه الحقيقة الثابتة التي كانت واضحةً على عهد النبيّ طُمست خلال عهد الانحراف، خلال عهد أبي بكر وعمر وعثمان. ولهذا، كان الزبير يعترف بأنّ عليّاً أحسن منه، لكن في نفس الوقت لم يكن يرى نفسه مجرّد آلة، أو مجرّد تابع، أو مجرّد جنديٍّ يجب أن يؤمر فيطيع.
فكان هناك اناس من هذا القبيل، هؤلاء يريدون أن يشتركوا في التخطيط، يشتركوا في رسم الخطّ، في ظرفٍ هو أدقّ ظرفٍ وأحرجه وأبعده عن عقول هؤلاء القاصرين. هذه من ناحية.
ومن ناحيةٍ اخرى: كانت توجد هناك الأطماع السياسيّة والأحزاب السياسيّة التي تكوّنت في عهد عمر بن الخطّاب، واستفحلت بعد عمربنالخطّاب كنتيجة للشورى.
هذه الأحزاب السياسيّة أيضاً كانت تفكّر في أمرها، وتفكّر في مستقبلها، وتفكّر في أنّه كيف تستفيد أكبر قدرٍ ممكنٍ من الفائدة في خضمّ هذا التيّار، وفي خضمّ هذا التناقض.
وهذا بخلاف معاوية؛ [فمعاوية][1] لم يكن قد مني بصحابةٍ أجلّاء يعاصرونه ويقولون له: «نحن صحابة كما أنت صحابي»، بل كلُّ أهل الشام كانوا مسلمين نتيجةً لإسلامه هو وإسلام أخيه، لم يرَ أحدٌ منهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ولم يسمع أحدٌ منهم القرآن إلّا عن طريق معاوية وأخي معاوية وبعض الشواذ من الصحابة الذي كان يزور الشام بين حين وحين[2].
إذاً، فكانت حالة الاستسلام الموجودة في مجتمع الشام بالنسبة إلى معاوية لا يوجد ما يناظرها بالنسبة إلى إمام الإسلام (عليه أفضل الصلاة
[1] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[2] لا يبدو أنّه( قدّس سرّه) يقصد شخصاً بعينه، فكأنّه أراد:« الذين كانوا يزورون الشام».