وذوقه وقريحته في التخطيط وفي رسم الخطّ[1]، كان عليٌّ يواجه أشخاصاً كانوا يرونه ندّاً لهم، غاية الأمر أنّه الندّ الأفضل، الندّ المقدَّم، ولكنّهم صحابة كما أنّه هو صحابي، عاش مع النبيّ وعاشوا مع النبيّ.
طبعاً، نحن نعلم أيضاً بأنّ خلافة عليٍّ كانت بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) بأكثر من عشرين سنة، وهذا معناه أنّ [الرواسب][2]، يعني أنّ مخلّفات عهد النبوّة، ذاك الامتياز الخاصّ الذي يتمتّع به أمير المؤمنين في عهد النبوّة، والذي عبّر عنه معاويةُ في رسالة له إلى محمّد بن أبي بكر حينما قال له: «كان عليٌّ في عهد الرسول كالنجم لا يطاول»[3]، ذاك الامتياز الخاصّ كان قد انتهى مفعولُه، وتضاءل أثرُه في نفوس المسلمين.
الناس عاشوا عشرين سنةً يرون عليّاً مأموماً، يرَونه منقاداً، يرونه جنديّاً بين يَدَي أمير، هذا الإحساس النفسي خلال عشرين سنة ذهب بتلك الآثار التي خلّفها عهد النبوّة.
ولهذا كان عليٌّ يُنظر إليه بشكلٍ عام عند الصحابة الذين ساهموا في حلّ الامور وعقدها، وكانوا يمشون في خطّ السقيفة .. هؤلاء الصحابة الذين ساهموا في حلّ الامور وعقدها، وقدّموا خدمات للإسلام في صدر حياتهم، و [كان] قُدّر لهم بعد هذا أن يمشوا في خطّ الانحراف وفي خطّ السقيفة، هؤلاء كانوا ينظرون إلى عليّ (عليه الصلاة والسلام) كالأخ الأكبر: الزبير، صحيحٌ [أنّه] كان يخضع لعليّبن أبي طالب، لكن [كان] يخضع [له] كالأخ الأكبر، لا يرى أنّ إسلامه
[1] كطلحة والزبير اللذين أتيا عليّاً( عليه السلام) بعد مقتل عثمان فقالا له:« إنّه قد نالتنا بعد رسول الله جفوة، فأشركنا في أمرك» تاريخ اليعقوبي 180: 2.
[2] ما بين عضادتين ليس واضحاً في المحاضرة الصوتيّة، وهو غير مثبت أساساً في( ف)، وساقطٌ من( غ) و( ش) و( ن)، وقد أثبتناه من( ه-).
[3] « وقد كنّا وأبوك معنا في حياة من نبيّنا( صلّى الله عليه وآله) نرى حقَّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرزاً علينا» وقعة صفّين: 120؛ مروج الذهب 12: 3؛ شرح نهج البلاغة 190: 3.