وتتركّز الفكرة في هذا النظام على ضمان العدالة والمساواة بإحراز الوجود الأصلح الذي يسعد به المجتمع والفرد، ويطمَئنُّ في ظلّه إلى حياة حرّة كريمة في حدود نزيهة.
وعماد هذه الحياة الصالحة في نظر الإسلام: ذلك الوجود الأصلح الذي يكون امتداداً للنبي، لتمتدّ بذلك رسالةُ النبوّة، والذي لا بدّ أن يرتفع عن الهزّات وتمتنع عليه حُمّى الحكم ومضاعفاتها، من تأثّرٍ بعاطفةٍ، أو انحيازٍ إلى غير العدل، أو فساد في رأيٍ، أو انبعاثٍ عن غير الضمير الإلهي الجبّار.
وإمامٌ كهذا يكبر على طاقة المنتخِبين أو المعيِّنين من الناس، وبهذا كان الانتخاب الإلهي له هو الأساس الذي تقتضيه روح الإسلام، ويتّفق مع جوهره العظيم؛ فليس من جوهر الإسلام في شيء أن يقرَّ حكماً انتخابيّاً ينبثق عن شتّى العواطف ومختلف الأهواء والنزعات، وهو الذي جاء لتقويم تلك العواطف وتحديد هذه الأهواء والنزعات. وليس من طبيعته أن يمضي حكماً فرديّاً يقوم على دكتاتوريّة غاشمة لا حدود لسلطانها، ولا حساب على أعمالها.
وإنّما الذي هو من طبيعته بالصميم أن يعتدل أمر الإمامة برجل معيَّن مختار، ولكن لا على اعتبارٍ دكتاتوريٍّ في الحكم، بل وفق خطّة [تجاوز] بروحها روحَ الديموقراطيّة العادلة التقدميّة؛ ذلك بأنّه يجعل الله تعالى مصدر السلطة الوحيد في جهاز ذلك الحكم، ويعتبر الشعوب عياله وشعبه، ويقيم الإمام أميناً على تنفيذ قوانينه، وحارساً لأحكامه، ومسؤولًا بين يديه، يوزّع على ضوء تلك القوانين حقوق الحياة السواء بين إخوانٍ في الدين والإنسانيّة.
وقد أعطى سيّد الشهداء (عليه السلام) صورةً رائعة عن ذلك في قوله: «فلعمري، ما الإمام إلّا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحقّ، الحابس نفْسَه على