العمل- الذي مارسه حينما ذهب إلى قصر الإمارة مع هذا العدد من الشيعة، وحاول أن يحتلّ قصر الإمارة وأن يسيطر على مقاليد الموقف- خارجَ نطاق التخطيط المتّفق عليه بين مسلم والحسين[1].
كان هذا العمل بملاك الدفاع؛ لأنّ مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) وقع في موقع الدفاع. عبيد الله بن زياد بدأ بالهجوم، أخذ يحاول أن يتعقّب مسلم بن عقيل وأن يقضي على هذه البذرة، فكان مسلم بن عقيل في حالة دفاع، ولم يكن في حالة غزو أو هجوم.
يعني: إنّ الظروف اضطرّته إلى أن يقف موقف المدافع، ولو لم يبدأ بهذه العمليّة إذاً لهجم عليه عبيداللهبن زياد وهجم على شيعته وهم في البيوت. فحينما يحاول عبيد الله بن زياد أن يبدأ بالهجوم، كان على مسلم بن عقيل- لا بمنطق رسالته من قبل الحسين، لا بمنطق الحاكميّة والسلطان والولاية، بل بمنطق الدفاع- أن يبدأ بمثل هذه العمليّة كدفاع عن نفسه وعن قواعده التي التفّت حوله.
اقرؤوا رسالة الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) التي بعثها مع قيس بن مسهّر الصيداوي إلى الكوفة، هكذا كان يقول في الرسالة: «إنّي سوف أرد إليكم قريباً، فانكمشوا على أمركم حتّى آتي»[2].
[1] أنساب الأشراف 80: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 350: 5؛ الفتوح 49: 5؛ البداية والنهاية 154: 8. وفي الثالث والرابع:« أربعة آلاف»، وفي الثاني:« ثمانية عشر ألفاً أو يزيدون»، وفي الأوّل: تابعه ثمانية عشر ألفاً، ومشى معه أربعة آلاف.
[2] الأخبار الطوال: 230؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 395: 5؛ الفتوح 30: 5؛ المنتظم في تاريخ الامم والملوك 328: 5. وما ذكره( قدّس سرّه) مثبتٌ في رواية( الطبري) دون من ذكرنا:« فإذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم وجدّوا؛ فإنّي قادمٌ عليكم في أيّامي هذه إن شاء الله». نعم، بعد أن دفع( عليه السلام) له الكتاب قال له( برواية الدينوري):« فإن كانوا على ما أتتني به كتبهم، فعجّل عليّ بكتابك لُاسرع القدوم عليك»، وبرواية( ابن أعثم):« فإن رأيت الناس مجتمعين على بيعتي فعجّل لي بالخبر حتى أعمل على حسب ذلك إن شاء الله تعالى».