مسلم بن عقيل كان مكلّفاً في نصِّ هذا الكتاب باستطلاع أحوال تلك القواعد الشعبيّة التي راسلت الإمام الحسين (عليه السلام)، ولم يكن مكلّفاً بأزيد من ذلك.
وبالفعل، لم يقم مسلم بأزيد من ذلك، دخل الكوفة، نزل ضيفاً في بيت المختار (رحمة الله عليه)، وبقي في بيت المختار مكشوف الحال يزوره الشيعة ويتجمّعون عنده[1]، فيتحدّث إليهم، ويؤكّد لهم أهداف الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام)، ويؤكّدون له إخلاصهم واستعدادهم للعمل في تلك الأهداف، حتّى يدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة[2]، حينئذٍ يتوتّر الجوّ ويُغيَّرُ الموقفُ بشكلٍ عام[3].
مسلم بن عقيل يرى أنّ من المصلحة أن ينتقلَ إلى بيتٍ آخر ويكونَ مكثه في الكوفة سرّيّاً؛ لأنّ عبيد الله بن زياد بدأ عمليّة التعقيب والتفتيش عن مسلم بن عقيل؛ فبينما الوالي السابق[4] كان سلبيّاً، أصبح عبيد الله بن زياد يفكّر في مجابهة هذا التجمّع وبذرة هذا التجمّع.
حينئذٍ انتقل مسلم بن عقيل من بيت المختار إلى بيت هانئ بن عروة (رضوان الله عليه)[5]، وبقي هناك متكتّماً بمكثه، وأخذ الشيعة يزورونه متكتّمين.
وكان ظهور مسلم بن عقيل في اليوم المشهود مع أربعة آلاف، وكان
[1] الأخبار الطوال: 231؛ أنساب الأشراف 77: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 355: 5؛ الفتوح 33: 5؛ الكامل في التاريخ 22: 4، وقيل: دار مسلم بن عوسجة الأسدي، فراجع: البداية والنهاية 152: 8.
[2] الأخبار الطوال: 232؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 348: 5؛ الفتوح 38: 5؛ مروج الذهب 57: 3.
[3] أو:« يُغَيِّرُ الموقفَ»، أي: دخولُ عبيدالله بن زياد. أو أن يكون الصادر منه( قدّس سرّه):« يتغيَّرُ الموقف».
[4] وهو: النعمان بن بشير.
[5] انتقل مسلم إلى دار هانئ بن عروة المرادي، فراجع: الأخبار الطوال: 233؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 348: 5، 362؛ الكامل في التاريخ 25: 4.