اقترح عليه زهير بن القين- على ما أظنّ[1]– أن يبدأهم بقتال، وقال: «إنّ هؤلاء أوهن علينا ممّن يجيء بعدهم، فلنبدأ بقتال هؤلاء، ولنفتح الطريق إلى الكوفة»، قال (عليه الصلاة والسلام): «إنّي لا أبدأهم بقتال»[2].
ب- ومن مصاديق تطبيق هذا الشعار كان وضع مسلم بن عقيل؛ فإنّ مسلم بن عقيل قد ذهب إلى الكوفة رسولًا من قبل الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام)، إلّا أنّه ذهب في إطار هذا الشعار، وهذا هو الذي يفسّر لنا عدم قيام مسلم بنعقيل بأيّ عمل إيجابي سريع خلال الأحداث التي مرّت به في الكوفة.
قد يخطر على ذهن البعض أنّ مسلم بن عقيل لم يستطع أن يزن الأحداث وأن يقدّر الظروف تقديرها اللازم، وأنّ مسلم بن عقيل كان مدعوّاً إلى نوعٍ من [المبادرة][3] لكي يستلم زمام الموقف.
إلّا أنّ هذا التصوّر إنّما ينتج عن تخيّل أنّ مسلم بن عقيل قد ذهب من قبل الإمام الحسين إلى الكوفة والياً، حاكماً، سلطاناً. وليس في نصوص التاريخ أيّ دلالة على ذلك.
الإمام الحسين حينما أرسل مسلم بن عقيل وكتب معه كتاباً لم يكن هناك في الكتاب أدنى إشارة إلى إعطاء مسلم بن عقيل صفة الولاية والحاكميّة والسلطان، وإنّما قال لأهل الكوفة: «إنّي أرسلت ثقتي إليكم من أهل بيتي؛ لكي يستطلع أحوالكم ويتأكّد من إخلاصكم ويكتب إليّ بذلك، فإن كتب إليّ بما جاءت به كتبكم ورسلكم استجبت لدعوتكم وجئتكم»[4].
[1] وهو كذلك.
[2] الأخبار الطوال: 252؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 409: 5؛ الفتوح 81: 5؛ الكامل في التاريخ 52: 4.
[3] في( ح) و( غ) و( ش):« المبادءة»، من الابتداء، والمراد ما أثبتناه.
[4] الأخبار الطوال: 230؛ الفتوح 30: 5؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 284: 1؛ المنتظم في تاريخ الامم والملوك 328: 5.