الحسين (عليه السلام):
الإمام علي كان رئيس دولة، ورئيس الدولة من المفروض أن لا يبدأ أحداً من المواطنين بقتالٍ إلّا إذا بدأه المواطن بشقّ عصا الطاعة والتمرّد عليه والقتال، فكان من المفروض أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يبدأ عائشة مثلًا بقتال، لا يبدأ الزبير أو طلحة بقتال[1]؛ لأنّهم مواطنون في دولة هو رئيسها، و [من المفروض أن لا يبدأهم بقتال][2] ما لم يخرجوا عن الخطّ، يحاربوا الوضع الشرعي الحاكم في تلك الدولة، فكان شعار «أن لا يبدأ أحداً من المواطنين بقتال» مفهوماً وواضحاً.
أمّا على مستوى حركة الحسين (عليه السلام)- الذي خرج ثائراً على دولة قائمة وسلطان قائم- فليس من المنطقي أن يقال: إنّ شخصاً يثور على سلطان قائمٍ لا يبدأ هذا السلطانَ القائمَ بقتال، ولكنّ هذا الشعار قد طرحه (عليه أفضل الصلاة والسلام) لكي يكون أيضاً منسجماً مع أخلاقيّة الهزيمة التي عاشتها الامّة الإسلاميّة، لكي يسبغ على عمله طابع المشروعيّة على مستوى هذه الأخلاقيّة.
أ- حينما التقى (عليه أفضل الصلاة والسلام) مع طليعة جيش عبيد الله بن زياد بقيادة الحُرّ- وكانت الطليعة عبارة عن ألف جندي[3]–
[1] « فلما تواقفوا للقتال، أمر عليٌّ منادياً ينادي من أصحابه: لا يرمينَّ أحدٌ سهماً ولا حجراً، ولا يطعن برمح حتّى أعذر إلى القوم، فأتّخذَ عليهم الحجّة» الإمامة والسياسة 91: 1. وقال( عليه السلام) في صفّين:« لا تقاتلوهم حتّى يقاتلوكم؛ فأنتم بحمد الله على حجّة، وترككم قتالهم حجّة اخرى» الكامل في التاريخ 293: 3.
[2] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[3] الأخبار الطوال: 249؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 400: 5؛ الفتوح 76: 5؛ البدء والتاريخ 10: 6.