عبيدالله بنزياد يبعث على من؟ يبعث على شريح القاضي. هذا قاضٍ، باعتباره قاضياً لا بدّ وأن تتوفّر فيه الشرائط المطلوبة في مثل هذا المنصب، [ف-]- هو يعتبر شاهداً ثقة إذا استعمل شهادته.
بعث على شريح القاضي، قال له: «تعال ادخل إلى الغرفة- الغرفة التي سُجن فيها هانئ-، انظر إليه حيّاً، واشهد أمام هؤلاء بأنّ هانئاً حيّ».
دخل شريح القاضي إلى الغرفة، رأى أنّ هانئاً حيّ، يقول شريح القاضي (لعنة الله عليه): «بمجرّد أنْ دخلت إلى الغرفة ورأيت هانئ بن عروة صاح في وجهي، قال: أين ذهب المسلمون؟! أين ذهب المسلمون؟! لو أنّ عشرةً يهجمون على القصر الآن لأنقذوني»[1]، لأنّ القصر ليس فيه شرطة، ليس فيه جيش.
لو أنّ عشرةً يهجموا على القصر اليوم، يعني: لو أنّ عشرة كانوا مستعدّين لأنْ يموتوا في سبيل الله، عشرة فقط، لو كانوا مستعدّين لأنْ يموتوا في سبيل الله، لتغيّر وجه الكوفة يومئذٍ؛ لأنّ البيت ليست فيه شرطة.
ولكنّ الشرطة كانت أوهام هذه الامّة التي فقدت شجاعتها وإرادتها. هذه الامّة التي فقدت شخصيّتها خُيِّل لها أنّ هذا القصر هو جبروت الحكّام، هذا القصر هو المعقل الذي لا يمكن اجتيازه، بينما هذا القصر كان أجوف؛ لم يكن فيه شرطة ولا جيش، لم يكن فيه سلاحٌ بالقدر الكافي الذي يمكن أن يصمد أمام عشرة فقط.
قال: «أين ذهب المسلمون؟ عشرة فقط، عشرة فقط يكفون لإنقاذي، يكفون للقضاء على هذا القصر، يكفون لاحتلال هذا القصر، عشرة، دبّر لي عشرة».
[1] « يا شريح! .. إن دخل عليَّ عشرة نفر أنقذوني» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 368: 5.