وتصنع لها إرادتها من جديد.
المشهد الرابع: مغادرة بني أسد محلّ سكناهم[1]:
حبيب بن مظاهر يستأذن من الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) أن يذهب ويدعو عشيرته بني أسد للالتحاق بخطّ سيّد الشهداء، وكلّ المسلمين يعرفون من هو حبيب بن مظاهر، في مواقفه، في جهاده، في بياض تاريخه، في صفاء سيرته، في ورعه وتقواه.
يذهب حبيب بن مظاهر ليطلب العون والمدد من عشيرة بني أسد للإمام (عليه الصلاة والسلام)، وتكون النتيجة لذلك أنّ عشيرة [بني] أسد تغادر بأجمعها تلك الليلة المنطقة، تنسحب هذه العشيرة انسحاباً إجماعيّاً.
يرجع حبيب بن مظاهر ليبلّغ الإمام الحسين هذه النتيجة الغريبة، أنّ عشيرةً تخشى أن تبقى بعد اليوم، تخشى أن تبقى حتّى حياديّة؛ لأنّ بالإمكان أنّ عمر بن سعد لا يكتفي بهذا الحياد، فتغادر المنطقة نهائيّاً. ولم يكن جواب سيّد الشهداء على ذلك إلّا أن قال: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم»[2].
هذا البرود، هذا السكون، هذه الهزيمة النفسيّة قبل الهزيمة الخارجيّة، هذه الهزيمة هي مرض الامّة الذي كان يعالجه الإمام الحسين.
المشهد الخامس: موقف أهل الكوفة من مقتل رسول الحسين (عليه السلام):
الصيداوي الذي أرسله الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام)- أظنّه قيس بن مسهّر الصيداوي[3]، أظنّ هكذا-، الذي أرسله لكي يبلّغ رسالته إلى أهل الكوفة،
[1] سيتجدّد الحديث عن هذا المشهد في المحاضرة الحادية والعشرين.
[2] الفتوح 90: 5- 91.
[3] هو كذلك، وكان أهل الكوفة قد أرسلوه بكتبهم إلى الحسين( عليه السلام)، ثمّ أرسله( عليه السلام) مع مسلم إليهم، ثمّ أرسله بكتابه إلى أهل الكوفة، حيث أخذه الحصين بن تميم وبعث به إلى عبيدالله بن زيّاد[ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 352: 5، 354، 394].