لكي يُعطي لأهل الكوفة إشعاراً بأنّه في الطريق، وأنّه على الأبواب.
هذا الرسول يدخل الكوفة بعد أن انقلبت الكوفة، وبعد أن تغيّرت الكوفة غير الكوفة، وسيطر عبيد الله بن زياد على كلّ القطّاعات العسكريّة في الكوفة، يؤخذ أسيراً إلى عبيد الله بن زياد.
قبل أن يصل إلى عبيدالله بنزيّاد يمزّق الكتاب، يقف بين يدي عبيدالله بن زياد، يقول له: «لماذا مزّقت الكتاب؟»، يقول: «لأنّي لا اريد أن تطّلع عليه»، يقول: «وماذا كان فيه؟»، يقول: «لو كنت اريد أن اخبرك لما مزّقت هذا الكتاب»، يقول له: «إنّي أقتلك، إلّا إذا صعدت على هذا المنبر وقلت بالصراحة شيئاً في سبِّ عليِّ بن أبي طالب والحسن والحسين».
هذا الرسول الأمين يغتنمها فرصة، يصعد على المنبر في هذه اللحظة الحاسمة، في آخر لحظة من حياته .. في هذا الإطار العظيم من البطولة والشجاعة والتضحية، أمام عبيد الله بن زياد وأمام شرطته وجيشه، يوجّه خطابه إلى أهل الكوفة ويقول: «أنا رسول الحسين إليكم، إنّ الحسين على الأبواب»، يؤدّي هذه الرسالة بكلّ بطولة وبكلّ شجاعة، فيأمر عبيدالله بن زياد به فيقتل[1].
وماذا يكون الصدى لمثل هذه الدفعة المثيرة القويّة؟!
هؤلاء الذين كتبوا إلى الإمام الحسين يطلبونه، الآن رسول الإمام الحسين على المنبر بهذا الشكل غير الاعتيادي، رسول الإمام الحسين على المنبر والسيف فوق رقبته، وهو يودّع الحياة في آخر لحظة من اللحظات، وهو يبلّغهم الرسالة بكلّ أمانة وشجاعة، ويضحّي في سبيل تبليغها بدمه، بروحه، فماذا يكون أثر ذلك؟
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 394: 5؛ الفتوح 82: 5؛ الكامل في التاريخ 41: 4؛ البداية والنهاية 168: 8.