من أن يُرجع إلى الامّة إرادتها.
الإمام الحسن بانحساره عن ميدان الحكم وفسح المجال للُاطروحة الاخرى لكي تبرز بكلّ أبعادها أرجع إلى الامّة اقتناعها بموضوعيّة اطروحة عليّ.
والإمام الحسين بمواصلته الطريق الأوّل حتّى خرّ صريعاً أرجع إلى الامّة إرادتها، تنبّه الإنسان المسلم الاعتيادي الذي كان أكبر همّه هو هذه الدريهمات، الذي حوّله بنو اميّة من إنسان يحمل هموم الأرض شرق الأرض وغرب الأرض، من إنسان يحمل هموم المظلومين والممتحنين في أقصى الأرض[1] إلى إنسان لا يعيش إلّا همّ راتبه الشهري وهمّ مصالحه الشخصيّة، هذا الإنسان الذي تحوّل إلى هذا المسخ هزّه مقتل الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام)، قال: «أنا الذي لا أتحرّك، أنا الذي أرى الإسلام يُنتَهَك، أرى الشريعة تمزّق، أرى المسلمين تهدر كرامتهم، أرى الآلاف بعد الآلاف يُعذَّبون، يهانون، يُشرَّدون، ثمّ أسكت، وذلك توفيراً، وذلك طمعاً، وذلك حرصاً على حياة رخيصة؟!».
إلّا أنّ هذا الرجل[2] الذي توفّرت له كلّ مُتع الحياة، هذا الرجل [الذي هو من أغنى الناس مالًا، من أكثر الناس جاهاً][3]، هذا الرجل الذي إذا برز إلى المسلمين تسابق عشرات الآلاف من المسلمين إلى تقبيل يديه، هذا الرجل الذي لم يكن جوعاناً لا إلى شهرة ولا إلى مجد ولا إلى مال كان شخصاً منعّماً، كان شخصاً لم يعش أيَّ ظلامة من الظلامات التي عاشها المسلمون؛
[1] كلامه( قدّس سرّه) ناظرٌ إلى ما ذكره في المحاضرة الخامسة تحت عنوان: الامّة الإسلاميّة حملت طاقةً حراريّةً لا وعياً مستنيراً، الشاهد الثالث حول عبادة بن الصامت؛ حيث علّقنا بعض الشيء. وسيتجدّد الحديث عن هذه الفكرة في المحاضرة السادسة عشرة، تحت عنوان: خطّة معاوية لتثبيت حكمه، عمل معاوية بن أبي سفيان على تمييع الامّة الإسلاميّة.
[2] يقصد( قدّس سرّه): الإمام الحسين( عليه السلام).
[3] ما بين عضادتين ساقط من المحاضرة الصوتيّة، وقد أثبتناه من( غ) و( ه-).