كان على طول الخطّ العينَ الساهرةَ على القضيّة الإسلاميّة، والجنديَّ الأوّل لها إذا دقّت أجراس الخطر مهما كانت الظروف السياسيّة، حتّى اتيح له أخيراً أن يباشر صلاحيّاته رئيساً للدولة الإسلاميّة، فاستطاع الإسلام أن يقدّم فيه الحاكمَ الإسلاميَّ الأروع، والنموذجَ الفذَّ للحكم، الذي عجزت كلّ المبادئ الاخرى في العالم عن تقديم نظيره طيلة حياته السياسيّة.
فحياة الإمام إذاً كانت- أبداً ودائماً- حياةً جهاديّة تتفجّر بطاقات الكفاح من أجل تحقيق مَثَل الإنسانيّة الأعلى بتطبيق الإسلام وترجمته إلى واقع ملموس محسوس، يتمثّل في حاكم وحكم يسعد به الناس، ويعيشون في كنفه إخواناً وادعين.
وكانت الحياة الجهاديّة للإمام ذات لونين:
فقد وقف تارةً يحارب قوى الكفر الصريحة السافرة التي أنكرت الإسلام كدين وتنكّرت له كمبدأ وعادته كدولة، فسجّل في وقفاته الغرِّ معها أروعَ الانتصارات للدعوة والإسلام.
ووقف تارةً اخرى وقفته الجهاديّة الخالدة في أيّام خلافته ليصحّح مفاهيم المسلمين عن الإسلام، ويقوم[1] سدّاً دون الانحراف عن أهدافه العليا ونظامه الأمثل الذي بدأ المنحرفون والمتأوّلون يتلاعبون به ويشوّهونه طبقاً لأفكارهم الجاهليّة وشهواتهم الرخيصة، ويرفعون شعارات جديدة لا تمتّ إلى روح الإسلام بصلة، فذاك هو القتال على التنزيل وهذا هو القتال على التأويل على حدّ تعبير رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)[2].
والواقع أنّ المعركة التي خاضها الإمام ضدّ التأويل والتلاعب بأحكام
[1] أو:« يقيم».
[2] انظر: الكافي 11: 5- 12، الحديث 2؛ تهذيب الأحكام 116: 4، الحديث 1؛ 137: 6، الحديث 1.