رافق الإسلامَ وهو دعوة تبشّر لعالم جديد كلّه عدلٌ وخيرٌ وحقّ، فكان أوّل من أسلم وآمن بدعوته وجنّد نفسه وكلّ إمكاناته لها.
ورافق الإسلام وهو ركيزة تكتّل فكري قويٍّ متضامن، يستعذب الموت في سبيل المبدأ الحيّ، ويستهين بالآلام لأجل أن ترتفع راية الإسلام وتخفق على أرجاء المعمورة بالخير والرحمة، فكان الإمام بطلَ ذلك التكتّل الإسلامي المرصوص، وشريك النبي [ (صلّى الله عليه وآله)] في حمل أعباء التكتّل وقيادة الدعوة والدفع بها إلى الأمام، وتذليل العقبات المعنويّة والمادّيّة التي تعترض طريق التكتّل الإسلامي المبارك وتعيقه عن نشر رسالته الإلهيّة الكبرى.
ورافق الإسلامَ حين أصبح الإسلامُ دولةً كاملةً تتمتّع بأداة سياسيّة قويّة، فاحتفل مع سائر المسلمين بوضع الحجر الأساسي للدولة الإسلاميّة إثر هجرة النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى المدينة.
واستمرّ يؤازر النبيَّ [ (صلّى الله عليه وآله)] في تسيير جهاز الدولة وتنميتها والاضطلاع بمختلف المسؤوليّات فيها، كتحمّل أعباء القيادة العسكريّة كما اتّفق في أكثر غزوات النبي[1]، وحمل الدعوة إلى الخارج كما صنع حين أرسله النبيُّ إلى اليمن[2]، وتمثيل الدولة الإسلاميّة في مجال العلاقات السياسيّة كما حصل عند قيامه بمهمّة تبليغ (براءة) إلى أهل مكّة[3]، إلى غير ذلك من ألوان العمل والجهاد التي زخرت بها حياة الإمام.
ولم يُتَح له بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يحتلّ موضعه الطبيعي، غير أنّه
[1] والتي لم يتخلّف( عليه السلام) عن واحدةٍ منها إلى حين غزوة تبوك؛ حيث خاطب رسول الله قائلًا:« لم أتخلّف عنك في غزاة منذ بعثك الله تعالى»، فراجع: الأمالي( الطوسي): 171، الحديث 39.
[2] السيرة النبويّة( ابن هشام) 641: 2؛ الطبقات الكبرى 128: 2، وانظر: الكافي 28: 5، الحديث 4.
[3] السيرة النبويّة( ابن هشام) 545: 2؛ الطبقات الكبرى 128: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 122: 3.