الخليفة لم يحدّ معاوية، ولم يظلم معاوية، ولم يعاتب معاوية بن أبي سفيان. هذا هو المنظور إليه، هذا هو المفهوم الذي كان …[1]
معاوية بن أبي سفيان كان نتيجةً لهذه الترويجات من الحكّام المنحرفين، الذين كانوا مقدَّرين- بالرغم من كونهم منحرفين- من [قِبَل] أفراد الامّة الإسلاميّة، كان يتمتّع بسمعة طيّبة وبمفهوم طيّب.
د- هنا دخل لأوّل مرّة الصراع، دخل الصراعَ بشعار، هذا الشعار الذي حمله معاوية بن أبي سفيان كان يبدو- على مستوى البسطاء والسذّج من الناس وكثير من المغفّلين- شعاراً له وجهة شرعيّة.
كان يقول بأنّ عثمان قُتل مظلوماً[2]، بأنّه لم يقتُل أحداً؛ إذ في القرآن لا يوجد هناك نصٌّ صريحٌ بأنّ الخليفة إذا استهتر بكرامة المسلمين وخان الإسلام واستهان بالمسلمين، هذا يستحقُّ أن يُقتل. مثل هذا النصّ الصريح غير موجود في القرآن، وإنّما النصُّ الصريح الموجود في القرآن أنّ من قتل مؤمناً فجزاؤه أن يُقتل[3].
[1] هنا مداخلة غير واضحة وغير مفهومة من أحد الحاضرين تقطع عبارة الشهيد الصدر( قدّس سرّه)، ولكن جاء في جوابه( قدّس سرّه):« على أيّ حال هذا خارجٌ عن محلّ الكلام فعلًا، على أيّ حال إجمالًا: لا شكَّ في أنّ عمر بن الخطّاب لم يكن عن حسن نيّة استثنى معاوية بن أبي سفيان، لكن هل إنّ استثناءه كان على أساس أنّه خُدع به، أو أنّه ادّخره لمعارضة خطٍّ، كما يظهر من كلمةٍ له في الشورى مع عثمان حينما تنبّأ- إذا صحّت هذه الرواية- بأنّه سوف تختلفون، يأتي فلان رحب البلعوم ويسيطر على الموقف. على أيّ حال»( اه-).
أقول: حديث( رحب البلعوم) منقولٌ عن أمير المؤمنين( عليه السلام) تارةً، وعنه عن رسول الله( صلّى الله عليه وآله) اخرى، فراجع مثلًا: نهج البلاغة: 92، الخطبة 57؛ مقاتل الطالبيّين: 76. ولكن ورد عن عمر قوله:« يا أصحاب محمّد! تناصحوا؛ فإنّكم[ إن] لم تفعلوا ذلك غلبكم عليها عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان» تاريخ مدينة دمشق 175: 46.
[2] على ما أشار إليه( قدّس سرّه) في المحاضرة العاشرة وفي هذه المحاضرة، فراجع: وقعة صفّين: 32، 85، 127؛ أخبار الدولة العبّاسيّة: 46؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 562: 4.
[3] وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً النساء: 93.