الذين كانوا يدورون في فلك حكومات السقيفة، ماذا كان من أوراق معاوية مكشوفاً وقتئذٍ؟!
أ- معاوية كان شخصاً قد مارس عمله الإداري والسياسي بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأقلّ من سنة[1]. خرج من المدينة، ذهب إلى الشام، ذهب إلى هناك كعاملٍ على مدينةٍ في الشام[2]، حتّى إذا مات أخوه اسندت إليه ولاية الشام كلّها، وبقي معاوية هناك[3].
ب- وكان معاوية مدلّلًا محترماً معزَّزاً من قبل عمر بن الخطّاب[4] الذي كان يُنظَرُ إليه بشكل عام في المجتمع الإسلامي بنظرة الاحترام والتقدير، حتّى إنّ عمر بن الخطّاب حينما أراد أن يؤدّب ولاته تعلمون أنّه استثنى معاوية من هذا التأديب[5]! حينما أراد أن يقاسم ولاته أموالَهم استثنى معاوية من ذلك[6]!
[1] حيث خرج إلى الشام مع أخيه يزيد عندما سيّره أبو بكر إليها سنة 13 ه-( أسد الغابة في معرفة الصحابة 433: 4).
[2] تنقّل بين عدّة مدن، منها: قيساريّة والاردن، فراجع: فتوح البلدان: 142؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 67: 4.
[3] الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1416: 3؛ البداية والنهاية 118: 8.
[4] فقد قال فيه عمر:« لِحسن موارده ومصادره جشّمناه ما جشّمناه» البداية والنهاية 125: 8، ولمّا ذُمّ عنده قال:« دعونا من ذمّ فتى قريش: من يضحك في الغضب، ولا ينال ما عنده إلّا على الرضا، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلّا من تحت قدميه» الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1418: 3. ولمّا سأل الزبير عثمان عن استعمال معاوية على الشام؟» قال:« لرأي عمر بن الخطاب فيه» الفتوح 393: 2.
[5] إذ« كان عمر بن الخطاب إذا بعث عمّاله يشترط عليهم أن: لا تتّخذوا على المجالس التي تجلسون فيها للناس باباً، ولا تركبوا البراذين، ولا تلبسوا الثياب الرقاق، ولا تأكلوا النقي، ولا تغيبوا عن صلاة الجماعة، ولا تطمعوا فيكم السعاة» المنتظم في تاريخ الامم والملوك 137: 4. لكنّه عندما خرج إلى الشام ورأى مُلك معاوية واحتجابه عن الناس وسمع تبريره اكتفى بالقول:« ويحك! ما ناظرتك في أمر أعتب فيه عليك إلّا تركتني منه في أضيق سبلي، حتّى ما أدري أآمرك أم أنهاك» أنساب الأشراف 147: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 331: 5؛ تجارب الامم 31: 2.
[6] إذ كان عمر يقاسم عمّاله نصف ما أصابوا، وكان معاوية هو الذي حاسب بعضهم( الإصابة في تمييز الصحابة 4: 279)، وروي أنّه« أوصى بنصف ماله أن يردّ إلى بيت المال، كأنّه أراد أن يطيب له الباقي؛ لأنّ عمر قاسم عمّاله» أنساب الأشراف 28: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 327: 5، فيُفهم منه أنّه كان مستثنى.