نحن الآن ننظر إلى معاوية بعد أن استكمل حظّه من الدنيا وذهب إلى جهنّم، بعد أن دخل الكوفة وصعد على منبر أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وقال بلسانه: «إنّي لم احاربكم لكي تصوموا وتصلّوا، وإنّما حاربتكم لأتأمّر عليكم»[1]، بعد أن أعلن بكلّ صراحةٍ ووقاحةٍ عن هدفه، وبعد أن طرح بكلّ برود شعارَ الخليفة المظلوم، وشعار الخليفة القتيل.
دخل عليه أولاد عثمانبنعفّان[2]، قالوا له «: لقد ملكنا هذا الأمر وتمّ الأمر لك يا أمير المؤمنين، فما بالُك لا تقبض على قتلة أبينا؟»، قال: «أَلا يكفيكم أن نكون حكّام المسلمين وسادة المسلمين»[3]؟!
نحن ننظر إلى معاوية بعد أن ارتكب الفظائع وغيّر الأحكام وأبدع في السنن، ننظر إلى معاوية بعد أن استخلف يزيد بن معاوية على أمر المسلمين، بعد أن قتل عشرات- بل مئاتٍ- من الأبرار ومن خيار المسلمين وقتئذٍ، نحن ننظر إلى معاوية بعد أن تكشّفت أوراقه.
لكن فلنفترض أنّ شخصاً يريد أن ينظر إلى معاوية قبل أن تتكشّف هذه الأوراق، فلنفترض اولئك الأشخاص الذين كانوا يعيشون في إطار الامّة الإسلاميّة وقتئذٍ قبل أن تتكشّف أوراق معاوية.
معاوية ماذا [كان] من أوراقه [مكشوفاً] وقتئذٍ على مستوى المسلمين
[1] « إنّي والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا؛ إنّكم لَتفعلون ذلك، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون» مقاتل الطالبيّين: 77؛ شرح نهج البلاغة 16: 15؛ البداية والنهاية 131: 8.
[2] بل دخل هو دار عثمان عندما قدم المدينة كما نُصَّ عليه في المصادر الآتية، وكلّم عائشة بنت عثمان.
[3] « لَأَنْ تكوني بنت عمّ أمير المؤمنين خيرٌ من أن تكوني امرأةً من عرض المسلمين» البيان والتبيين 201: 3؛ عيون الأخبار 14: 1؛ أنساب الأشراف 125: 5؛ العقد الفريد 113: 5؛ التذكرة الحمدونيّة 174: 7. تاريخ مدينة دمشق 155: 59، وفي الأخير اختلاف.