وجودها، ولكي يحبط المؤامرة، ولكي يعيد إلى هذه الامّة كرامتها داخل الدستور وخارجه، ولكي يقضي على كلّ انحراف خرج به الحكّام عن الصيغة الإسلاميّة عن الدستور.
فمن هنا كانت القضيّة لا تزال في بدايتها، ولا تزال الامّة- بحسب مظهرها على الأقلّ- هي تلك الامّة التي قتلت الحاكم لتحافظ على وجودها، وعليٌّ (عليه السلام) صاحب الطاقات الكبيرة هو الشخص الوحيد الذي يُؤمل منه أن يصفّي عمليّة الانحراف.
فالظروف والملابسات لم تكن تؤدّي إلى يأس، بل كانت تؤدّي إلى أمل، وما وقع خارجاً خلال السنوات الخمس كان يؤكّد هذا الأمل؛ فإنّ عليّاً (عليه السلام) لولا معاكسات جانبيّة لم تكن تنبع من حقيقة المشاكل الكبرى في المجتمع لاستطاع أن يسيطر على الموقف لولا مسألة التحكيم مثلًا، لولا أنّ شعاراً معيّناً خرج من قِبَل معاوية[1]، وانعكس بفهم خاطئ عند جماعة معيّنة من جيش الإمام (عليه السلام)، لولا هذا لكان بينه وبين قتل معاوية وتصفيته بضعة أمتار[2].
***
إذاً، كان الأمل هو أنّ عليّاً (عليه السلام) يمكنه أن يحقّق الهدف، ويعيد للُامّة
[1] وهو شعار:« هذا كتاب الله بيننا وبينكم»، فراجع: وقعة صفّين: 478؛ الإمامة والسياسة 144: 1، 147؛ أنساب الأشراف 323: 2؛ الفتوح 182: 3؛ مروج الذهب 390: 2؛ تجارب الامم 537: 1.
[2] قال يزيد بن هنئ لمالك الأشتر عندما أبلغه أمرَ عليٍّ( عليه السلام) بالكفّ عن القوم:« .. فإنّهم قالوا: لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك أو لنقتلنّك بأسيافنا كما قتلنا عثمان، أو لنسلمنّك إلى عدوّك .. فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم، فصاح فقال: يا أهل الذلّ والوهن! .. فلا تجيبوهم، أمهلوني فواقاً؛ فإنّي قد أحسست بالفتح. قالوا: لا، قال: فأمهلوني عدوة الفرس؛ فإنّي قد طمعت في النصر» وقعة صفّين: 491؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 50: 5؛ تجارب الامم 540: 1؛ الكامل في التاريخ 317: 3؛ البداية والنهاية 273: 7.