ينكر وجود الامّة، كان ينظر إلى النبوّة [على] أنّها سلطان قريش، أنّها سلطان عشيرة معيّنة، وهذه العشيرة المعيّنة هي التي يجب أن تحكم وأن تسود.
نظريّة مالكيّة العشيرة التي[1] تتحدّى وجود الامّة، وتنكر عليها أصالتها ووجودها وشخصيّتها، هذه النظريّة طرحت كمفهوم في السقيفة، ثمّ بعد هذا امتدّت واتّسعت عمليّاً ونظريّاً، ونحن نرى أنّ عمر كان يعمّق بشكلٍ وآخر هذا المفهوم.
مثلًا: في إحدى المرّات سمع عمر بن الخطّاب أنّ المسلمين يتحدّثون حلقاً حلقاً، ويفكّرون في أنّه لو اصيبَ عمر بشيءٍ فمن يحكم المسلمين بعد أن يموت؟ معنى هذا أنّ المسلمين يحملون همّ التجربة، وهمّ المجتمع، ومعناه أنّه لا يزال للُامّة وجود.
عمر بن الخطّاب انزعج من عمل المسلمين ومن وجود الامّة في الميدان؛ وذلك لأنّه يعرف أنّ وجود الامّة في الميدان معناه وجود علي (عليه السلام) في الميدان، ووجود الخطّ المعارض في الميدان؛ ولهذا صعد عمر المنبر وقال: «إنّ أقواماً يقولون: من يحكم بعد أمير المؤمنين؟ ألا إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرّها»[2].
ما معنى هذا الكلام من عمر؟
[إنّه] يريد أن يقول بأنّه لا يجوز للمسلمين أن يعودوا مرّةً اخرى إلى التفكير المستقلّ في انتخاب شخص، وإنّما يجب أن يعيَّن لهم شخص من
[1] صلة الموصول ترجع إلى« النظريّة» لا« العشيرة».
[2] « فلا يغرّن امرءاً أن يقول: إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمّت، وإنّها قد كانت كذلك، إلّا أنّ الله قد وقى شرّها» السيرة النبويّة( ابن هشام) 658: 2؛ تاريخ اليعقوبي 158: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 205: 3.