وما الذي تجدّد؟!
مثل هذا الكلام كان بإمكان معاوية أن يوجّهه حينئذٍ للإمام، ولم يكن بإمكان الإمام (عليه السلام) أن يجيب عن هذه الشبهةجواباً مقنعاً للرأي العام الإسلامي وقتئذٍ.
لكنّه حينما يعزله من البداية، فإنّ عزله يكون على أساس عدم صلاحيّته وعدم توفّر الشروط اللازمة في الحاكم الإسلامي عنده. إلى جانب أنّه لا يتحمّل مسؤوليّة وجوده كحاكمٍ في الشام في الفترة السابقة، وهذا العزل يعبّر عن عدم رضا الإمام (عليه السلام) عن الفترة السابقة التي عاشها معاوية حاكماً في الشام من قبل عمر وعثمان.
النقطة السابعة: عجز الإمضاء المؤقّت عن شلّ مخطّطات معاوية طويلة الأمد:
النقطة السابعة التي لا بدّ من الالتفات إليها في هذا المجال هي: أنّ هذه الشبهة التي وجّهت للإمام (عليه السلام) تفترض أنّ معاويةبن أبي سفيان- في حال بقائه والياً من قِبَلِ الإمام مؤقّتاً- سوف يعطي نقطة قوّة للإمام علي (عليه السلام).
ولكن لا يوجد في القرائن والدلائل التي كانت تكتنف موقف الإمام ما يوحي بصحّة هذا الافتراض؛ وذلك لأنّ معاوية لم يعصِ الإمام (عليه السلام) بسبب عزله عن الولاية، وإنّما كان ذلك- في أكبر الظنّ- جزءاً من مخطّطه لمؤامرة امويّة طويلة الأمد على الإسلام.
الامويّة كانت تريد نهب المكاسب الإسلاميّة بالتدريج، هذا النهب الذي عبّر عنه أبو سفيان بأقسى تعبير حينما ركل قبر حمزة (رضي الله عنه) بقدمه وهو يقول: «إنّ هذا الدين الذي قاتلتمونا عليه وبذلتم دماءكم في سبيله أصبح كرةً في أيدي صبياننا وأطفالنا»[1].
[1] « قال أبو سفيان في أيّام عثمان وقد مرّ بقبر حمزة وضربه برجله وقال: يا أبا عمارة! إنّ الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعّبون به» شرح نهج البلاغة 136: 16.