ج- وكذلك الصلاحيّات الاستثنائيّة التي أعطاها عمر بن الخطّاب لمعاوية في أن ينشئ له سلطنة ومَلَكيّة في الشام، بدعوى أنّ ذلك يكون مظهرَ عزٍّ وجلالٍ للإسلام في مقابل دولة القياصرة[1].
د- إلى جانب الصلاحيّات التي أخذها من عثمان[2]، والتي كرّست انفصال الشام واقعيّاً عن الحكومة المركزيّة، ولم يبقَ أيُّ ارتباطٍ حقيقيٍّ بين الشام والمدينة سوى الارتباط الدستوري الاسمي بتبعيّة الشام إلى الحكومة الإسلاميّة …
هذا الضعف من جهة، والترسّخ من الجهة الاخرى، [كانا يعقّدان] الموقف على أمير المؤمنين (عليه السلام)، و [يجعلان] نقطة القوّة التي يحصل عليها- وهي مجرّد البيعة في الأيّام الاولى- نقطةً غير حاسمة؛ وذلك لأنّ الإمام إذا عزل معاوية، فبإمكان معاوية أن يثير- إلى جانب وجوده المادي القوي المترسّخ في الشام- الشبهاتِ على المستوى التشريعي والإسلامي؛ لأنّه يستطيع أن يقول: لماذا عزلني عليُبن أبي طالب؟ وما هو الشيء الذي صدر منّي حتّى يعزلني بعد أن اعترف بأنّي حاكمٌ عادلٌ صالحٌ لإدارة شؤون المسلمين؟ ما الذي طرأ؟
[1] « لمّا أتى الشام رأى معاوية في موكب يغدو ويروح فيه، فقال له: يا معاوية! تروح في موكب وتغدو في مثله، وبلغني أنّك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك، فقال: يا أمير المؤمنين! إنّا بأرضٍ عدوّنا قريب منها، وله علينا عيون ذاكية، فأردت أن يروا للإسلام عزّاً، فقال عمر: إنّ هذا لكيد لبيب أو خدعة أريب» أنساب الأشراف 147: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 331: 5. ولهذا وصفه عمر بأنّه« كسرى العرب»، فراجع: أنساب الأشراف 147: 5؛ البداية والنهاية 125: 8.
[2] « ثمّ ولّاه عثمان بن عفان ذلك العمل وجمع له الشام كلَّها حتّى قتل» الطبقات الكبرى 285: 7،« ولّاه عمر نيابة دمشق بعد أخيه يزيد بن أبي سفيان، وأقرّه على ذلك عثمان بن عفان وزاده بلاداً اخرى» البداية والنهاية 21: 8. وقد برّر عثمان بسط يد معاوية بقوله لعليٍّ( عليه السلام):« هل تعلم أنّ عمر ولّى معاوية خلافته كلّها؟ فقد ولّيته، فقال علي: انشدك الله! هل تعلم أنّ معاوية كان أخوف من عمر من يرفأ غلام عمر منه؟ قال: نعم، قال علي: فإنّ معاوية يقتطع الامور دونك وأنت تعلمها، فيقول للناس: هذا أمر عثمان، فيبلغك ولا تغيّر على معاوية» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 338: 4؛ تجارب الامم 434: 1؛ البداية والنهاية 169: 7.