معاوية بن أبي سفيان هو الذي يقول لمحمّد بن أبي بكر: «كان عليٌّ كالنجم في السماء في أيّام رسول الله، ولكنّ أباك والفاروق ابتزّا حقّه وأخذا أمره، وبعد هذا نحن شعرنا أنّ بإمكاننا أن ندخل في ميدان المساومة مع هذا الرجل»[1].
عليٌّ أيضاً يقول عن نفسه، يحدّث عن مقامه في أيّام النبي، وكيف أنّه أخذ هذا المقام يتنازل بالتدريج نتيجةً لمؤامرات الحاكمين عليه حتّى قيل: عليٌّ ومعاوية[2].
إذاً، فعليٌّ (عليه الصلاة والسلام) حينما تحمّل، حينما واجهه عبد الرحمن بن ملجم بتلك الضربة القاتلة على رأسه الشريف، كان ماضيه كلّه ماضي حرمانٍ وألمٍ وخسارة، لم يكن قد حصل على شيء من هذا البناء العظيم العريض، لم يكن قد حصل على شيء منه.
لكنّ [الأشخاص الذين حصلوا على شيءٍ عظيم من هذا البناء هم اولئك
[1] « وقد كنّا وأبوك معنا في حياة من نبيّنا( صلّى الله عليه وآله) نرى حقَّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرزاً علينا، فلمّا اختار الله لنبيّه[( صلّى الله عليه وآله)] ما عنده وأتمّ له ما وعده وأظهر دعوته وأفلج حجّته قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه وخالفه على ذلك … ثمّ قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفان يهتدي بهداهما ويسير بسيرتهما .. فإن يكن ما نحن فيه صواباً فأبوك أوّله، وإن يك جوراً فأبوك أسّسه ونحن شركاؤه، وبهداه أخذنا، وبفعله اقتدينا. ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابنَ أبي طالب وأسلمنا له، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله واقتدينا بفعاله، فعب أباك ما بدا لك، أو دع، والسلام على من أناب ورجع عن غوايته وتاب» وقعة صفّين: 120- 121؛ مروج الذهب 12: 3؛ شرح نهج البلاغة 190: 3.
[2] « وهلمَّ الخطب في ابن أبي سفيان؛ فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه. ولا غرو والله! فيا له خطباً يستفرغُ العجب ويُكثر الأود» نهج البلاغة: 231- 232، الخطبة 162. وقد روي عنه( عليه السلام) في مصادر متأخّرة قولُه( عليه السلام):« الدهر أنزلني ثمّ أنزلني ثمّ أنزلني حتّى قيل: معاوية وعلي»، فراجع: حديقة الشيعة: 208؛ منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة 8: 10؛ مفتاح السعادة في شرح نهج البلاغة 522: 3. وقال( عليه السلام):« متى اعترض الريبُ فيَّ مع الأوّل منهم حتّى صرتُ اقرن إلى هذه النظائر؟!» نهج البلاغة: 49، الخطبة 3.