هذا الإسلام الشامخ العظيم الذي كان يأكل الدنيا شرقاً وغرباً، هذا الإسلام بُني بدم عليّ، بُني بخفقات قلب عليّ، بُني بآلام عليّ، بُني بنار عليٍّ (عليه الصلاة والسلام)، كان عليٌّ هو شريكَ النبيّ في كلّ محن هذا البناء، في كلّ كوارث هذا البناء، في كلّ مآسي هذا البناء.
أيّ لحظةٍ محرجةٍ وجدت في تاريخ هذا البناء لم يكن عليٌّ (عليه السلام) هو الإنسان الوحيد الذي يتّجه إليه نظر النبي ونظر المسلمين جميعاً لأجل إنقاذ عمليّة البناء؟!
إذاً فعليٌّ كان هو المضحّي دائماً في سبيل هذا البناء، هو الشخص الذي أعطى ولم يبخل، الذي ضحّى ولم يتردّد، الذي كان يضع دمه على كفِّه في كلّ غزوة، في كلّ معركة، في كلّ تصعيدٍ جديدٍ لهذا العمل الإسلامي الراسخ العظيم.
إذاً، فقد اشيدت كلّ هذه المنابر بيد علي (عليه الصلاة والسلام)، إذاً قد اتّسعت أرجاء هذه المملكة بسيف علي (عليه الصلاة والسلام)، جهاد عليٍّ كان هو القاعدة لقيام هذه الدولة واسعةِ الأطراف، لكن ماذا حصّل عليٌّ من كلّ هذا البناء بمقاييس الدنيا؟!
إذا حسبنا [بحسب] مقاييس الدنيا، [إذا حسبنا] حساب الدنيا: لو كان عليٌّ يعمل لنفسه، فماذا حصّل عليٌّ من كلّ هذه التضحيات؟ من كلّ هذه البطولات؟ ماذا حصّل غير الحرمان الطويل الطويل؟ غير الإقصاء عن حقّه الطبيعي؟!
بقطع النظر عن أيِّ نصٍّ أو تعيينٍ من الله، كان حقّه الطبيعي أن يحكم بعد أن يموت النبي (صلّى الله عليه وآله)؛ لأنّه الشخص الثاني عطاءً للدعوة وتضحيةً في سبيلها. إذاً، كان من حقّه الطبيعي أن يحكم بعد النبي (صلّى الله عليه وآله)، اقصي [عن] حقّه الطبيعي، قاسى ألوان الحرمان، انكرت عليه كلّ امتيازاته.