قبّل الضريح، وعاهد الحسين (عليه السلام) على أن يواصل خطّه، وعلى أن يستمدّ من دمه وشعاراته، ثمّ ذهب إلى الكوفة. وهناك أعلن الشعارات، وأعلن البيعة للرضا من آل محمّد، على أن يكون الحكم لكتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الإمام علي (عليه السلام)[1].
مقصودي أن أستشهد على نموّ الرصيد والقاعدة التي كانت تملكها مدرسة الإمام علي (عليه السلام).
هذا النموّ المتزايد نعرفه عن طريق ردود فعل هذه الثورات في العالم الإسلامي. كان ردّ الفعل لثورة محمّد بن إبراهيم أن وقفت الكوفة معه أربعة سنين، وقاومت جيوش العباسيّين جيشاً بعد جيش، [وانهزمت] الجيوش من أمامها[2].
الكوفة هذه هي الكوفة التي خانت الحسين (عليه السلام)، هذه الكوفة هي التي تركت زيداً وحفنةً من الأصحاب[3]، هذه الكوفة بعد مئةٍ وخمسين من وقعة الحسين، وبعد أقلّ من مئة سنةٍ من وقعة زيدٍ وقفت تدافع عن شخصٍ آخر [سار][4] في خطّ الإمام الحسين وخطّ زيد، وقفت تدافع عنه أربع سنين.
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 528: 8؛ مروج الذهب 439: 3؛ تجارب الامم 114: 4؛ المنتظم في تاريخ الامم والملوك 73: 10؛ الكامل في التاريخ 302: 6؛ تاريخ الإسلام 70: 13. وفيها جميعاً:« يدعو إلى الرضا من آل محمّد والعمل بالكتاب والسنّة»، وفي: مقاتل الطالبيّين: 428 إضافة:« والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
[2] لم تقف الكوفة أربع سنين مع ابن طباطبا؛ لأنّه توفّي بعد معركة أهل الكوفة مع جيش ابن المسيّب بيوم في 1/ رجب/ 199 ه-. وربما يقصد( قدّس سرّه) مجمل الثورات التي قامت بالكوفة منذ قيام ابن طباطبا سنة 199 ه- إلى حين المناداة بالمأمون خليفة في بغداد سنة 203 ه- ورجوعه إليها من خراسان مطلع سنة 204 ه-، فراجع: تاريخ الامم والملوك( الطبري) 529: 8، 570- 574.
[3] إنّ في كلام زيد بن علي( عليه السلام) الآتي دلالةً على ما أشار إليه( قدّس سرّه)، قال زيد:« يا نصر بن خزيمة! أتخاف أهلَ الكوفة أن يكونوا فعلوها حسينيّة؟» مقاتل الطالبيّين: 135.
[4] في( غ):« صار»، ولعلّ الصادر منه( قدّس سرّه) ما أثبتناه.