الشعوب الجديدة الداخلة في الإسلام أيضاً تعترف به وتؤمن به، وترتبط به على حدّ ارتباط أهل الكوفة والبصرة من أبناء الشعب العربي.
و- وكذلك في داخل الشعب العربي لم يكن هناك فرقٌ من حيث الارتباط الروحي، بالرغم من التناقض العنصري أو القَبَلي الذي كان موجوداً في الحياة العربيّة في أيّام الخلافة الامويّة بين المضريّين والحميريّين، مع هذا نرى في غرّة أصحاب الإمام الباقر من هؤلاء واولئك، بالرغم من العداء الشديد المستعر[1] الذي امتلأت به صفحات تاريخ بني اميّة بين الحميريّين والمضريّين، حتّى أصبح الشعراء الشيعة الرسميّون للإمام من هذين الطرفين.
ولا ننسى بهذه المناسبة الفرزدق التميمي المضري[2] والكميت الأسدي الحميري[3]؛ فهما- بالرغم من اتّجاههما القَبَليّين المتعاديين- اتّفقا على الولاء للإمام الباقر ولأهل البيت (عليهم السلام).
كلّ هذا رصيدٌ ورثه الإمام الباقر من تلك الجهود والأتعاب التي تجسّدت في الدور الأوّل من الأدوار الثلاثة، ورثه حينما بدأ الدور الثاني من هذه الأدوار الثلاثة.
وقلنا: إنّ الطابع العامّ لهذا الدور الذي دشّنه الباقر (عليه السلام) وابتدأه هو [أنّه] طابعُ إطارٍ تفصيليٍّ للتشيّع، يعني وضع النقاط على الحروف لإعطاء الإطار الواضح محدّدِ المعالم.
[1] كذا في( غ)، وفي( ج):« المستمرّ».
[2] راجع حول ترجمته: الأغاني 180: 21. وبعد إنشاده قصيدته المعروفة في الإمام زين العابدين( عليه السلام) أسقط هشام بن عبدالملك صلته من الديوان فأمر له( عليه السلام) ببدرة، فردّها الفرزدق وقال:« إنّما تكلّمت وقلت ما قلت لله عزّ وجلّ ولا أقبل عليه عوضاً وأجراً»، فردّها عليه( عليه السلام) وقال:« نحن أهل البيت إذا خرجت عنّا صلة لم ترجع أبداً» الحدائق الورديّة في مناقب الأئمّة الزيديّة 357: 2- 358.
[3] راجع حول ترجمته: الأغاني 5: 17، وروي أنّ الإمام الباقر( عليه السلام) دعا له بالمغفرة ثلاث مرّات، فراجع: مناقب آل أبي طالب 197: 4.