إمكانات النصر العسكري؛ لكي يضرب بوقفته المستميتة المثل الأعلى للإرادة الحيّة التي لا يمكن أن تضعف أو تلين، ويقدّم لذلك ثمناً أزكى الدماء وأطهرها، يقدّم دماء الصفوة من أولاده وأهله وصحبه[1]، ثمّ يخرّ صريعاً في الساحة، وتظلّ إرادته فوق الموت وفوق سيوف السفّاكين؛ لكي تمتدّ وتمتدّ [في][2] ضمير الامّة ووجدانها، وتزرع الشوك في طريق الجبابرة والظالمين.
أيّها المؤمنون! يا شيعة الحسين!
إنّ إمامكم العظيم حينما كان ينزف دماً، حينما تحمّل الحرمان حتّى من ماء الفرات وقد كانت الدنيا بين يديه، حينما يزداد بِشراً وطلاقةَ وجهٍ كلّما قدّم قرباناً جديداً من ولده وأهله، حينما ضّحى حتّى بوَلَده الرضيع الذي قتله السفّاكون وهو في حجره، حينما كان يخرّ إلى الأرض ثمّ يقوم ليواصل الحرب، وحينما لفظ أنفاسه الطاهرة على أرض كربلاء .. لم[3] يكن الحسين في ذلك كلّه يمارس عمليّة قتال مستميتٍ فحسب، بل كان يبني امّة، ويحمي إرادة، ويمتدّ مع تاريخ رسالة، ويقود مسيرة المجاهدين من أجل الإسلام في كلّ زمان ومكان.
أيّها المؤمنون!
إنّ صمود الإمام الحسين وتضحيته يجب أن يُشعرا المسلمين جميعاً بقيمة هذا الدِّين العظيم الذي كان جديراً بهذه التضحية، وأن يذكّرهم بمسؤوليّاتهم تجاه عقيدتهم ورسالتهم؛ فليس [يوم] عاشوراء يوم عزاء ومصيبة فحسب، بل هو مدرسة غنيّة بعطائها، تلهم المسلمين في كلّ حينٍ القوّةَ والعزيمة، وتمدّهم بزخمٍ فكري وعاطفي.
[1] في النسخة الخطيّة:« وأهل بيته»، ثمّ صحّحت إلى« وأهله وصحبه».
[2] النسخة الخطيّة هنا مخرومة، وما بين عضادتين أثبتناه من السياق.
[3] في النسخة الخطّيّة:« ولم».