على الحقّ؟»، قال: «بلى»، قال: «إذاً لا نبالي، أوَقعنا على الموت أو وقع الموت علينا»[1].
ج- أخلاقيّة الهزيمة التي كان يواجهها الإمام الحسين (عليه السلام) هي الأخلاقيّة التي انعكست في كلامٍ لمحمّد بن الحنفيّة حينما كان ينصح الإمام الحسين ويقول له: «إنّ أخشى ما أخشى أن تدخل إلى مصرٍ وبلدٍ من بلاد المسلمين فيختلف عليك المسلمون، فبعضٌ يقفون[2] معك وبعضٌ يقفون ضدّك، ويقع القتال بين أنصارك و [أعدائك]، فتكون أضيع الناس دماً، الأفضل من ذلك أن تقف بعيداً عن المعترك، ثمّ تبثّ رسُلك وعيونك في الناس، فإن استجابوا فهو، وإلّا كنت في أمنٍ من عقلك ودينك وفضلك ورجاحتك»[3].
هذه هي أخلاقية الهزيمة التي تحوّلت في ما بعد .. حينما أصبح دمُ الحسين (عليه السلام)- هذا الدم الذي كان يتصوّره محمّد بن الحنفيّة أنّه سوف يكون أضيع دم- مفتاحَ تحريك الامّة حينما قال المختار في سجن عبيد الله بن زياد: «إنّي أعرف كلمةً أستطيع بها أن أملك العرب»[4]؛ هذا الدم الذي كان يتصوّره
[1] « ألسنا على الحق؟ قال: بلى والذى إليه مرجع العباد، قال: يا أبت، إذاً لا نبالى، نموت محقّين» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 408: 5؛ مقاتل الطالبيّين: 112؛ الكامل في التاريخ 51: 4.
[2] أو« يقف».
[3] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 341: 5- 342؛ الفتوح 20: 5.
[4] لم نعثر على هذه الصيغة، ولكن بعد خروجه من السجن قال المختار لابن الزبير:« إنّي لأعرف قوماً لو أنّ لهم رجلًا له رفقٌ وعلمٌ بما يأتي لاستخرج لك منهم جنداً تغلب أهل الشام»، فقال:« من هم؟»، قال:« شيعة بني هاشم بالكوفة» مروج الذهب 73: 3، وربما عرف المختار ذلك ممّا قاله له ميثم التمّار( رضي الله عنه) إذ جمعهما سجنُ عبيدالله بن زياد:« إنّك تفلت وتخرج ثائراً بدم الحسين( عليه السلام)، فتقتل هذا الجبّار الذي نحن في حبسه، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخدّيه» الغارات 799: 2؛ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 324: 1؛ شرح نهج البلاغة 293: 2. نعم، روي أنّ المختار قال لعمّه سعد بن مسعود الثقفي لمّا أتى الإمام الحسن( عليه السلام) قصر المدائن:« هل لك في أمر تسود به العرب؟»، قال:« وما هو؟»، قال:« تدعني أضرب عنق هذا[ يعني الحسن( عليه السلام)] وأذهب برأسه إلى معاوية» الطبقات الكبرى 286: 1: 5.